أيضاً من علامات سوء الخلق: سوء العشرة، وهذه تحدثنا عنها, سوء العشرة الزوجية؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالمعاشرة بالمعروف فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] , وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة عند الرجل كالأسير، حتى إنه وصى في آخر حياته صلى الله عليه وسلم بالنساء فقال: (استوصوا بالنساء خيراً, فإنهن عندكم عوان) أي: أسيرات, فهذه مسكينة أسيرة في بيتك, تركت بيت أبيها وأهلها وعزها وجاءت عندك, وأبوها استودعها في ذمتك, وسلمك إياها أمانة فلا تهنها ولا تهن أباها وتهن أهلها, بل أكرمها حتى ولو وجدت منها عوجاً, فإن المرأة مخلوقة من ضلع أعوج, هل رأيتم في الدنيا ضلعاً مستقيماً مستحيل! ليس هناك ضلع في الدنيا إلا وهو أعوج, ولا امرأة في الدنيا إلا وفيها عوج, ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إنهن خلقن من ضلع, وإن أعوج ما في الضلع أعلاه -أي: لسانها- فاستمتعوا بهن على عوجهن) , (مشي حالك مع هذه العوجة إلى أن تموت)، أتريد مستقيمة (100%) في الجنة إن شاء الله التي ما فيها عوج أبداً, ثم -أيضاً- لا ينبغي لك أن تنظر إلى السيئات من أخلاق زوجتك, بل انظر دائماً إلى الحسنات، يقول عليه الصلاة والسلام: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي آخر) وازن, اجعل عندك نظام الموازنة في الحكم, وانظر إلى المرأة بمنظار العدل, قد يكون فيها قصور لكنَّ فيها كمالاً, تجد فيها صلاة فيها حفظ لعرضك, فيها أمانة, فيها إكرام لأهلك, لكن قد تجد فيها قصوراً، أتريد امرأة كاملة؟ الكاملة غير موجودة؛ لأنك أنت أيها الرجل لست بكامل حتى تريد كاملة, النقص فيك وفي المرأة, عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كانت الجن تهابه, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إيه يا عمر! والذي نفسي بيده ما سلكت فجاً إلا سلك الشيطان فجاً آخر) , الشيطان الذي أتعب البشر اليوم لا يستطيع أن يمشي مع عمر , كانت تهابه العفاريت والجن, ولكنه في بيته لطيف المعشر.
جاء رجل إليه يشتكي زوجته فلما طرق الباب وإذا به يسمع امرأة عمر وهي تتكلم على عمر بكلام مثل الرصاص, فقال الرجل: هذا أمير المؤمنين وهذه زوجته تفعل به هكذا؟! فتراجع, ففتح عمر الباب وقال: ما لك, قال: يا أمير المؤمنين جئت لغرض وانتهى الغرض, قال: ما هو الغرض؟ قال: جئت لأشكو زوجتي عليك فسمعت زوجتك تقول لك أكثر مما قالت زوجتي عليّ, قال: أما يرضيك أنها طابخة الطعام, وغاسلة الثوب, ومربية ولدي, وقاضية حاجتي, أفلا أصبر لها إذا جاء منها شيء؟ من الذي يقدم لك هذه الخدمات إلا هذه المرأة المسكينة، فلا تقعد تحاسب الدقيق والقطمير والنقير وإنما غض الطرف وابذل ما تيسر وتجاوز عما لا يمكن حصوله؛ لأن هذا من حسن الخلق, أما ذاك الحرفي الدقيق الذي يحاسب على أقل غلطة فهذا سيئ خلق, والذي هو سيئ خلق في بيته سيكون أسوأ عند الناس والعياذ بالله!