المظهر الثالث من مظاهر سوء الخلق: بذاءة اللسان, وهو ألا يتلفظ إلا بأبشع وأقبح الألفاظ, وهذا منافٍ لحسن الخلق, الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث: (ليس المؤمن باللعان, ولا بالطعان, ولا بالفاحش, ولا بالبذيء) , لا يخرج المسلم من لسانه إلا الكلام الطيب, وابن القيم يقول: القلوب كالقدور, والألسن مغاريفها, فإذا أردت أن تعرف شخصاً فارقبه حتى يتكلم، فإذا تكلم ظهر على لسانه ما كان في قلبه, إذا كان في قلبه خير ظهر على لسانه, وإن كان قلبه مليئاً بالشر ظهر على لسانه, والناس أوعية مختومة ومفاتيحها ألسنتها, فبعض الناس لسانه بذيء لا يتكلم إلا بالكلام الساقط, حتى إذا تحدث في القضايا تحدث بالكلام السيئ, بينما المؤمن يعف نفسه ولا يتكلم إلا بالكلام الطيب, ويستحي أنه يقول كلاماً غير لائق.
القرآن الكريم يعلمنا الأخلاق، والذي تمثله النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر قضية لقاء الرجل بامرأته في الحلال، قال سبحانه: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223] انظروا التعبير البياني البليغ, وقال سبحانه: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة:187] وعائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح تقول: (ما رأى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا رأيت منه) انظر الألفاظ! لم تأت بالألفاظ الأخرى, ولم تأت بالألفاظ الجارحة الفاضحة، هكذا أيها المسلم! لا تقل إلا لفظة طيبة؛ لأنك طيب, والمؤمن لا يخرج من لسانه إلا طيب.
أما من يتخصص باختيار الألفاظ البذيئة ولا تجد على لسانه إلا السباب والشتائم حتى في تعامله مع المرءوسين عنده، مثلاً يكون في منصب أو رتبة أو في شيء فلا ينادي الموظفين عنده بأسمائهم، بل يقول: أنت يا متين، أنت يا طويل، أنت يا قصير، لماذا تسمي الناس بغير أسمائهم؟ لماذا تتعمد إساءتك إلى الناس بألفاظك هذه؟ أتدري أنك بهذه الألفاظ تسقط نفسك من عيون الناس؟ حتى ولو كنت مسئولاً كبيراً, يصبرون عليك لكن من داخل نفوسهم يقولون: الله أكبر عليه، الله يأخذ هذا العفريت وإذا جاءتك إحالة على المعاش أو مصيبة قالوا: الله لا يرده, ما كان يترك كبداً بارداً والعياذ بالله! فالبذاءة في اللسان من علامات سوء الخلق, يجب أن يكون لسانك نظيفاً, ولا يتكلم إلا بما هو نظيف.