خامساً: من أسباب الانتكاس: أكل الحرام: لأنك إذا أكلت الحرام غذيت جسدك بالحرام، ونبت لحمك من حرام، فالنار أولى بالحرام، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، لا ينفع عمل ولا ينفع دعاء؛ فالذي مطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، أنى يستجاب له؟ وهذا معنى الحديث في صحيح مسلم، والدليل على أن العمل لا ينفع قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليأكل اللقمة من الحرام لا تقبل له صلاة أربعين نهاراً، ومن اشترى ثوباً بعشرة دراهم وفي ثمنه درهم من حرام لن يقبل الله له صلاة ما دام عليه هذا الثوب) فلابد أن يكون كسبك حلالاً (100%)، احذر من الحرام، جاء في الصحيحين قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه) حمى الله: محارمه لا تقترب منها، الراعي إذا قرب من المكان المحمي أفسدت بعض الغنم ذلك المكان، لكن إذا كان بعيداً فلا يحصل شيئاً، وكذلك أنت لا ترع دينك عند محارم الله، فتقع وأنت لا تدري.
فعليك -يا أخي في الله! يا من تريد أن تستقيم وتلتزم وتستمر وتثبت- أن يكون كسبك حلالاً، وأن تراجع نفسك باستمرار في قضية تصفية الكسب، أي شيء يأتيك فيه حرام أوقفه، ولا يقول لك الشيطان: إن هذا يقلل من دخلك ويهز ميزانيتك لا وألف لا، من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، أعرف أحد الإخوة كان يعمل في بنك ربوي وكان راتبه ضخم جداً، وكلما أراد أن يقدم تذكر الشيك الذي في آخر الشهر وخدره الشيطان بالشيك، قال له: اقعد اقعد إلى أن جاءت لحظة من لحظات القوة الإيمانية، قرر وتقدم باستقالته وترك العمل، واختبره الله فترة بسيطة ثم عوضه الله برزق هو فيه أعظم من كل ما قد رزق من الحرام، ويقول لي بعد ذلك: والله إنني في راحة نفسية لو كنت آكل الطين لكان أعظم لي مما كنت أعيشه من عذاب داخلي يوم كنت آكل الحرام، فهذا أهم شيء، فلا تقل: إني إذا تركت الحرام يضيق عليَّ رزقي، قد يختبرك الله ويبتليك لكن اصبر، فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.