الحديث الذي بعده وهو صحيح أيضاً، وهو بعده بحديث، فإن الحديث الذي قرأناه عن ابن مسعود هو السابع والستون، والثامن والستون ضعيف أيضاً، والتاسع والستون صحيح، وهو قوله: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله، فقال: إن مما أخاف عليكم ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها) .
هذا الذي يخشاه الرسول عليه السلام، ما سيفتحه الله عز وجل من مغانم ومكاسب تأتي بسبب اتساع الدعوة الإسلامية، وهذا ما وقع، ولذلك -كما مر معنا وسيأتي أيضاً- كان بعض الصحابة يخشون على أنفسهم أن يكونوا قد فتنوا بزهرة الدنيا وزينتها حينما جاءتهم الأموال، فكان الواحد منهم يعمل طيلة النهار ليحصل على قوت يومه.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه عمل ذات يوم عند يهودي على أن ينضح له من بئر بستانه، ومقابل كل دلو تمرة فقط، عمل علي بن أبي طالب الذي صار خليفة للمؤمنين أجيراً عند يهودي مقابل كل نضحة، أو سطل، أو دلو مقابل تمرة فقط، هؤلاء الصحابة الذين كانوا يعيشون في ضنك من العيش فتحت لهم الدنيا، وصار عندهم العبيد والجواري، منهم من تمتع كما شرع الله له، ومنهم من يبيع ويشتري، وأباح الله البيع والشراء وأباح الله له ذلك أيضاً، وكان بعضهم من الأثرياء يخافون على أنفسهم أن يكونوا فتنوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرهم أنه لا يخشى عليهم الفقر وإنما يخشى عليهم أن تفتح لهم الدنيا، ويخشى عليهم الدنيا وفتنتها.