ونحن نبدأ الآن وبشيء من الإيجاز الممكن: نحن نعتقد أن الابتداع في الدين -وليس في الدنيا- ينافي نصوصاً من الكتاب والسنة، وقوله تبارك وتعالى في الآية المعروفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] لا يحتاج إلى بيان وتفسير، إلا أن الآية تعني أن الإسلام تام لا يحتاج إلى استدراك، لا سيما فيما يتعلق بالعبادات المحدودة النطاق، العبادات التي يريد الإنسان أن يتقرب بها إلى الله عز وجل؛ أقول هذا لأن المعاملات واسعة جداً، ففي اليوم الواحد تحدث حوادث تحتاج إلى أحكام، وهذا الأحكام لا يعرفها إلا أهل الاجتهاد في كل زمان، فهذه ليست محدودة، أما العبادات التي كانت في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام وتوفي عنها فلا تقبل الزيادة إطلاقاً؛ لأن الرسول قال: (ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به) ، فما أخفى عنا شيئاً، لذلك الآية السابقة: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) [المائدة:3] هي نص قاطع في موضوع الابتداع في الدين.
من هنا يظهر لكم علم أحد الأئمة الأربعة الذين ينتمي إليهم جماهيرنا اليوم حين قال: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة، اقرءوا قول الله تبارك وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] قال: فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً.
نحن نقول هكذا، فإذا أراد أحد المقلدين أن يجادلنا فبالله عليكم بماذا يجادلنا؟ فإن جاءنا بنقل عن إمام كما يقولون: إن أبا حنيفة قال بالاستحسان، والاستحسان لا يعني الاستحسان بمعنى الابتداع في الدين أبداً، وإنما هو ترجيح دليل على دليل، لوجود نصها أو ما شابه ذلك كما هو مذكور في أصولهم، فالغرض إن جاءنا مقلد بقول إمام فضلاً عن قول مقلد من مشايخهم، فنقول له: إمام من أئمة السنة وإمام دار الهجرة يقول: فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً، نحن نقول: يومئذٍ لم يكن من الدين أن يصعد المؤذن المنبر وينشد ويتكلم بكلام غير جائز قبل الأذان، ما كان هذا باعترافهم، لذلك يسمونها بدعة، أي: حدثت لكنها حسنة، ولا أيضاً ما أضافوه بعد الأذان من الصلاة على الرسول عليه السلام، ومن أشياء أخرى أيضاً يضيفونها، كل هذا وهذا لم يكن.
فـ مالك يقول: فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً، إذاً: أذن كأذان بلال وغيره من مؤذني الرسول صلى الله عليه وسلم.
سوف يقول: أنا مذهبي هكذا دعك أنت ومذهبك، فلماذا تجادل بالباطل وبالجهل؟ تريد أن تبحث على ضوء الكتاب والسنة تعال إلى الكتاب والسنة، هذه أول آية، وهذا تفسيرها ل إمام دار الهجرة، الذي بينه وبين الصحابي واسطة واحدة، مالك عن نافع عن ابن عمر، وعاش في عقر دار السنة المدينة المنورة، يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، اقرءوا قول الله تبارك وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً.
لكن مالك رحمه الله جاء بخاتمة قاسمة في الجملة، التي تستحق أن تُكتب بماء الذهب -كما يقولون- ونحن نعتبر هذه الجملة من منهجنا في الدعوة، بينما الذي يقول هذا الكلام وغيره لا يرفعون لهذه الجملة وزناً، يقول مالك: ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
فهل صلاح هذه الأمة بأن تتقرب إلى الله بمئات بل ألوف من البدع؟! يستحيل هذا! وهو من باب:
وداوني بالتي هي داء
العبادات التي شرعها الله هي معالجة لأمراض نفسية، قد يشفى بها بعض الناس وقد لا يشفى جمهورهم، فتأتي هذه التشاريع الإلهية الحكيمة كمرهم وعلاج لهذه الأمراض النفسية.
وعلى العكس من ذلك؛ حينما نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ونقيم البدعة مقام السنة، زدنا مرضاً على مرض، بحيث أننا نصل إلى اليأس من الشفاء، لذلك فمن منهجنا نحن الدعاة إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح: -الذي يدل على هذا المنهج- كلمة الإمام مالك هذه: ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
وتأكيداً لما نقول؛ فهناك جماعات إسلامية كثيرة وكثيرة جداً، فهل هناك جماعة تسعى لتنوير بصائر المسلمين، لكي يهتدوا بهذا المنهج السليم، وهو أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها؟
صلى الله عليه وسلم لا يوجد -مع الأسف- جماعات إسلامية، لا اسمها ولا وزنها في العالم الإسلامي يدندن حول موضوع الاتباع للكتاب والسنة، ليس اتباعاً لفظياً، قلنا لكم مراراً وتكراراً: كل الطوائف الإسلامية التي بلغت ثلاثاً وسبعين فرقة أو زادت، كلها تقول: الكتاب والسنة، لكن المهم في الكتاب والسنة: أولاً: تطبيق عملي.
وثانياً: فهم سليم لما كان عليه السلف الصالح.
فهنا يقول: إن في هذه المسألة خلافاً فقهياً، وكل واحد وما ذهب إليه دليله.
إذاً: هذه الآية من أدلة العلماء من السلف الصالح من الصحابة والتابعين، الذين ذهبوا إلى أنه لا بدعة في الإسلام.