توجيه قولهم: (على شرط الشيخين)

Q عندنا يا شيخ أسئلة في مصطلح الحديث: ما المقصود بقولهم: حديث على شرط الشيخين، أو على شرط أحدهما؟ هل المقصود أن يكون الشيخان قد أخرجا السند نفسه؟ أو أن الشيخين قد احتجا برجال السند كلٌّ على حدة؟

صلى الله عليه وسلم هناك مرتبتان: المرتبة الأولى: هي التي جاءت في السؤال؛ أنهما أخرجا من نفس السند، البخاري أو مسلم أو كلاهما معاً؛ لكن هذا عزيز جداً، ونادر جداً، ولذلك فإن الغالب من المقصود بقولهم: على شرط الشيخين، أو على شرط أحدهما: أن رجال ذلك الحديث على شرط الشيخين، وليس في السلسلة كلها.

هذا يلاحَظ كجواب على ذاك السؤال.

لكن هناك ملاحظة أخرى ينبغي لطالب العلم أن ينتبه لها، وهي: المرتبة الثانية: وهي أن هناك تسامحاً في إطلاق هذه العبارة في بعض الأسانيد التي تكثر سلسلة الرواة فيها، أو يكثر عدد الرواة في سند ذلك الحديث.

ومن أشهر الذين عُرفوا بإطلاق هذه العبارة على الأحاديث التي يُخْرِجها في كتابه هو: أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، فهو -كما تعلمون- يقول: صحيح على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري، أو على شرط مسلم، بينما هو يعني إلى ما قبل شيخ شيخه هو، بمعنى: أن بين شيخ الشيخين والحاكم رجلين على الغالب، وهذان الرجلان جاءا بعد الإمامين البخاري ومسلم، فإنهما لا يدخلان في قوله: على شرط البخاري ومسلم بداهةً.

ولذلك فهذا الإسناد هنا إذا لم يستحضر طالب العلم هذه الملاحظة لا يصح أن يقال: إنه على شرط الشيخين، أو على شرط أحدهما، لا يصح؛ لأن شيخ الحاكم جاء بعد وفاة الشيخين، بل وربما شيخ شيخه كذلك، وكل إسناد يقال فيه: على شرط مسلم، أو البخاري، أو كليهما معاً، ويكون المؤلف جاء من بعد البخاري وبينه وبين البخاري واسطة، فإذا قيل: إسناده صحيح -على ما ذكرنا آنفاً- يكون هناك تسامح في التعبير، فمثلاً: أعلى طبقة من الحاكم: أبو حاتم بن حبان، فهو يروي كثيراً من الأحاديث أسانيدها على شرط الشيخين دون شيخه هو؛ لأن شيخه ليس من شيوخ الشيخين.

فلا بد من ملاحظة هذه الدقيقة فيما إذا وقفنا على تعبير: إنه إسناد صحيح على شرط الشيخين.

ومتى يصح مثل هذا التعبير دون هذا التسامح؟ إذا قيل في إسنادٍ مثل إسناد مسند أحمد لأن أحمد من شيوخ الشيخين، فإذا قيل فيه في حديث ما: إنه على شرط الشيخين، ويكون القائل مصيباً؛ فإنه لا يكون في الأمر -في التعبير- تسامح إطلاقاً.

وثمرة هذه الملاحظة مهمة جداً بالنسبة لـ ابن حبان، وبخاصة بالنسبة للحاكم؛ ذلك لأننا نلاحظ أن في شيوخ الحاكم أحياناً شيئاً من الضعف، فلا يصح السند إطلاقاً فضلاً عن إن يقال: إنه على شرط أحد الشيخين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015