Q إن المشركين غزوا بلاد المسلمين، بل وغزوا بيوتهم بوضع الصلبان على الستائر والسجاد ونحوها، فما حكم وجود هذه السجاجيد أو الأشياء كلباس الأطفال؟ ويُخَصُّ السؤال عن السجاد في البيت، وخصوصاً عندما تكون هذه السجادة ثمنها مبلغ معين، هل يقذفها ويرميها أم يجعلها ممتهنة، أم ماذا؟ علماً بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان إذا رأى صليباً نَبَشَه؟
صلى الله عليه وسلم كلمة (نَبَشَه) أتيت بها من جيبك! ما معنى (نَبَشَه) ؟! الصحيح: (قَبَضَه) .
السائل: أعني: (نَبَشَه) بمعنى: (قَبَضَه) .
الشيخ: (نَبَشَه) هذه رواية عندكم أم ماذا؟! السائل: مأخوذة من نبش التراب.
الشيخ: هذا يكون في التراب.
السائل: أعني: نُبِشَ لأنه صليب.
الشيخ: أولاً: نحن قبل كل شيء ننصح كل مسلم، خاصة إذا كانت له ذرية، وأراد أن ينَشِّئها تنشئة إسلامية، أنه إذا أراد أن يشتري بساطاً، أو سجاداً، أو ثوباً، أو قميصاً، أن يفلِّيَه كما يفلي الفقير قميصه من القمل ولعلكم تعلمون أن السجاد والبساط لباس، أم أنكم لا تعلمون؟ السائل: لا والله يا شيخ! لا نعلم.
الشيخ: هذا أكيد! السجاد والبساط هو لباس، وهذا من فضل الحديث على الألباني الأعجمي، فقد تعلَّم العربية من حديث النبي العربي، حيث يقول أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زاره في بيته، فصلى في حصير قد اسودَّ مِن طول ما لُبِسَ) ، وأنا لو قلتُ لك: لماذا أنت لابسٌ البساط ستستغرب مِنِّي.
السائل: سأقول عنك أنك ألباني.
الشيخ: ستقول: ألباني، وفعلاً أنا ألباني.
يقول أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم زاره في داره، فصلى على حصير قد اسودَّ من طول ما لُبِس) .
الشاهد: أن أي لباس؛ سواء كان بساطاً، أو سروالاً، أو قميصاً، أو أي شيء، يجب على ولي الأمر؛ على الأب، والعم، والخال، ونحو أولئك، أن يدقِّق -كما قلنا- في ألا يكون هناك شيء يخالف الشرع من صور أو صلبان؛ لأنه -في الحقيقة- يوجد الآن نوع غريب جداً من غزو الكفار إلى بلاد الإسلام في عقر دارهم! فيتسلل إليهم الداء كالسل في جسم الإنسان، لا يحس به المسلمون ولا يشعرون به، بدليل أنك تجلس يوم الجمعة والمسجد غاص بالمصلين، فتجد عن يمنيك وعن يسارك وأمامك صور النساء العاريات في أظهُر قمصان الشباب الذين يصلون بين يديك! من الذي اشترى له هذا القميص؟ والده، وهو ربما يصلي معه في المسجد؛ لكنهم في غفلةٍ ساهون.
ولذلك قبل كل شيء يجب الانتباه! ألا يشتري المسلم ثوباً مصوراً، أو لباساً مصوراً.
ثانياً، وهذا كان موضع سؤالك: أنه لغفلة، أو لسهوة، أو لإهمال، أو لضلال قديم، كثيراً ما نُسأل-مثلاً-: واللهِ إن زوجي كذا وكذا! - إذاً: كيف تزوجتيه؟! - والله أنا كنت غافلةً عنه، والآن هداني الله.
فهي في الصيف ضيَّعَتِ اللبن، فكيف يمكنها أن تعالج الموضوع؟! فربما أن الإنسان كان راقداً، أو كان ضالاً، لا يلتزم بالأحكام الشرعية، فاشترى بساطاً فيه صورة مثلاً، أو اشترى بساطاً فيه صليب، فعليه حينئذ أن يتقي الله عز وجل بعد أن كان ضالاً فهداه.
فأقول: عليه أن يخضب الصليب أو الصورة، فقد يَفْسُد البساط أو السجاد بهذا القَبْض؛ لكننا نقول: إن الله عز وجل من حكمته في خلقه: أنه كما أَلْهَمَ نبيَّه عليه السلام أن يقول بلسانه: (ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له دواءً، أو شفاءً، عَلِمَه مَن عَلِمَه، وجَهِلَه مَن جَهِلَه) .
فما من علة إلا وخَلَقَ الله لها ضدها، وذلك لتكون حجة الله قائمة عليه.
فإذا ابتُلي هذا الإنسان واشترى ذلك الثوب أو ذلك البساط في زمن ضلاله، ثم هداه الله، فماذا يفعل؟ يستعمل بعض الدهانات التي تطمس الصورة وتُبْقِي الثوب سليماً كما هو، أو على الأقل -إن كانت صورة- يَقْضِي على الرأس فقط، فهذا يكفي لإزالة المحظور المخالف للشرع، والصليب أيضاً يمكن أن تُحاك دائرة حوله.
أنا -مثلاً- كنت ساعاتياً في الشام، بعض الساعات من مكر هؤلاء النصارى السويسريين أنهم يطبعون الصليب على ميناء الساعة، فأنا كنتُ حينما تأتينا هذه الساعة -لأنها مادة فسفورية دقيقة جداً- كنتُ أنقُط عليها نقطة، وإذا بها تضيء في الليل؛ لكنها لا تضيء على الصليب، بل تطمسه.
فلا توجد علة إلا ويمكن القضاء عليها؛ لكن تحتاج إلى إعمال المخ والفكر بعد الإيمان بالله ورسوله.
هذا هو جواب السؤال الذي وصفتَه بأنه أخير، والآن الساعة تشير إلى الثانية عشرة إلا عشر دقائق، فهاتِ لنرى ماذا عندك.
السؤال: أبو فارس فهم أن الدائرة على الصليب هكذا.
الشيخ: لا تُفْهَم أنها شخبطة.
السائل: أعني: الطمس على الصليب يكون بدائرة هكذا، أم بنقطة هنا.
الشيخ: لا، ليس نقطة هنا، هذا كله يصير مَحِيْكاً عليك، بحيث يُطمس عليها.
السائل: كل الرسمة! الشيخ: كل الرسمة.
السائل: ولا يكون بعمل دائرة عليها.
الشيخ: لا.
السائل: الحاصل في هذا الأمر: أن سجادة عليها حوالَي مائتا صليب! فهل يَلُفها أم ماذا يفعل؟ مداخلة: يقلبها على الظهر.
الشيخ: لا يا أخي! ليس هناك شيء إلا وله علاج كم ثمن هذه السجادة؟ السائل: حوالَي مائة وخمسون ديناراً.
الشيخ: أنا أظن أنه بخمسة وعشرين ديناراً يمكن أن تحاك عليها حياكة يُطْمَس بها على الصليب.
السائل: يا شيخ! هذه حصلت عندي أنا، فجئتُ بنوع من الدهان وطمستُ على كل واحدة من رسمة الصليب.
الشيخ: قد حللنا المسألة الآن.