في هذا الحديث يقول الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: (وإن الله أمرني أن أحرق قريشاً.
قلت: رب! إذاً: يثلغوا رأسي، فيدعوه خبزة) أي: يفتحون دماغي، كما يفتح الرجل رغيف الخبز إذا أراد أن يأكل، أي: لا طاقة لي بهم، والعدة والعتاد الذي معي لا يقاوم قريشاً بجبروتها وإمكانياتها.
حينئذ قال له: (استخرجهم كما استخرجوك، واغزهم نُغْزك -أي: نعينك على غزوهم- وأنفق فسننفق عليك) المسألة ليست مسألة خزائن ولا مال، فالذي ينفق عليه هو الملك سبحانه الذي له ميراث السموات والأرض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يد الله ملأى سحاء ينفق كيف يشاء، انظر إليه كم أنفق منذ خلق السموات والأرض على عباده)، فإذا كان هذا الغني الذي لا منتهى لغناه، هو الذي يمده، إذاً: سيفلس عدوه وهو يقاتل؛ ولذلك قال: (وأنفق فسننفق عليك)، وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة:28]، حسناً يا رب! هم الذين يعمرون الأسواق، وهم الذين يحضرون البضاعة، ونحن بالتالي نشتغل ونكسب، معنى (المشرك لا يقرب المسجد الحرام) فقال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} [التوبة:28] فهذا وعد من الله.
ثم قال: (وابعث جيشاً نبعث خمسة مثله)، أي: من الملائكة، وكما ورد في الأخبار أن الله عز وجل لما أمر جبريل عليه السلام أن يقلب قرى قوم لوط: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} [النجم:53]، المؤتفكة: هي المنقلبة، قالوا: إنه قلبها بريشة من جناحه، فكيف إذا دخل جبريل المعركة: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ} [الأنفال:12]، أي: الملائكة ورب الملائكة، قال: (وابعث جيشاً نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك).