هدى شعراوي ودعوتها إلى السفور

وهذه هدى شعراوي خرجت إلى باريس محجبة، وكان أبوها رجلاً أفندياً؛ وهدى هانم شعراوي هي ابنة هذا الأفندي، هذا لقب كانت النساء من البيوت الشريفة تتلقب به، مثل أفندي وباشا، هي خرجت محجبة، ولما رجعت من باريس خرج أبوها مع طائفة من الناس الكبار ليستقبلوها عندما تنزل من المركب؛ نزلت من المركب وقد نثرت شعرها على ظهرها، فاستحيا أبوها عندما رأى منظرها، فلما رجعت قامت وفتحت صالوناً واجتمع الرجال عندها، وجاء الصحفيون، فأول ما تدخل عليهم كانت تعطي للصحفي قرشين ليكتب مقالة في الصحيفة عن رقة (الهانم)، وعن عذوبة ابتسامتها، وبدأت القصة هكذا، قصة لها جذور عميقة، ألا ينبغي أن تمر هذه القضية بدون تأمل؟! إنها تحتاج إلى تأمل ووقفات، كما قلت: كل دعوة إصلاحية لا بد لها من شهداء، أفلا تتشرف وتكون شهيداً، قد يرمونك بالجمود والتخلف والتطرف، وأنك ضيعت بناتك، لكنك تدري ما تريد، تعرف قصدك وغايتك.

فنحن نستفيد من موقف هاتين المرأتين حيث قلن: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص:23]: أنه لا ينبغي لأحد أن يلقي نفسه في مواطن التهم، ويعتمد على سيرته، وعلى مكانته بين الناس، فلستَ مرضياً عند كل الطوائف، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه).

وقال قبلها: (اتقوا الشبهات) لماذا؟ لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، مهما كان قوياً ومهما كان أصيلاً ونبيلاً كاد أن يقع فيه، ألا وإن حمى الله محارمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015