إذاً فأول صفات أهل الجنة الذين وصفهم الله عز وجل بالمتقين: هي (أواب).
وثاني صفة هي: (حفيظ) بمعنى حافظ لحدود الله عز وجل لا يتجاوزها، فهو أواب حفيظ، ومن حفظ العبد لحدود الله تبارك وتعالى أنه إذا ذُكّرَ بالله ذكر واتعظ، فإذا قيل له: اتق الله في أموالك -أي: خف ربك تبارك وتعالى-.
فإنه يستجيب في الحال.
فإذا وقف عند أمر الله فهو حفيظ، إذا كره الرجل المرأة عليه ألا يذرها كالمعلقة، إنما يطلقها؛ فإنه إذا علَّقها فقد تجاوز حدود الله ولم يحفظها، الرجل إذا كان وحده وليس عليه رقيب إلا الله ينبغي عليه أن لا يتجاوز حدود الله؛ لأنه حفيظ أمين، ولذلك ذكر الله عز وجل بعدها: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ} [فاطر:18] وهذه أميز صفة يتميز بها المسلمون عن بني إسرائيل، عن الأمم السابقة أنهم يخشون ربهم بالغيب، لم ير ربه تبارك وتعالى ولكن يخشاه ويخافه.
الشرطة العسكرية في الجيش منذ زمن تعلم أفرادها شيئاً وهو: إذا دخلت الغرفة ولقيت (بدلة) الضابط معلقة فعليه إلقاء التحية.
فإذا رأيت بدلته فكأنه موجود، فهم يعلمونهم هذا الأمر، ومن لا يلتزم يعاقب، ويقال له: إن مغيبك مشهدك.
نحن نقول: إن وجود رب العالمين في قلب كل مسلم إن كان عامراً بذكر الله تبارك وتعالى، فإذا خلوت فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب.
فإذا وقفت عند حدود الله عز وجل، خاصة وأنت لوحدك، فأنت بذلك تكون حفيظاً، ولا يكون المرء حفيظاً إلا إذا خشي الله بالغيب، وبنو إسرائيل إنما عذبهم الله العذاب الأليم؛ لأنهم رأوا الآيات البينات وجحدوا بها، وجعل الله عز وجل المثوبة لهذه الأمة؛ لأنها آمنت بالله ولم تره، وآمنت بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم تره، وقد ذكرت هذه الصفة في أول صفات المؤمنين في أول سورة البقرة.