صحة السند لا تستلزم صحة المتن، قالها العلماء لطبقة معينة من علماء الحديث، وهم العلماء الذين تمرسوا على هذه الصناعة حتى اختلطت بشحمهم ولحمهم وصار لهم ملكة فيها، حتى إن العالم من هؤلاء إذا سمع متناً بغير سند يحكم عليه بالبطلان، ثم تكتشف أنه باطل بعد ذلك، كيف حكمت عليه بالبطلان بغير سند؟ بالدربة والممارسة, ولا زالت الممارسة شيئاً أكيداً يعترف الكل به في كل الصناعات والفنون، ليس في العلم الشرعي فقط.
مثلاً الطبيب الذي مر عليه أربعون سنة في المهنة يختلف عن الطبيب الذي معه أعلى دكتوراه في الدنيا ومر عليه عشر سنين فقط، لأن هذا ممارس وعنده من الخبرة أكثر من الذي معه دكتوراه، أحياناً الطبيب ينظر إلى رجل يقول هذا مريض بكذا، أأنت منجم؟ يقول لك: لا.
لكن من دربته وممارسته أن لون العين تغير! أن لون الوجه تغير! أن لون الجلد تغير! يقول: هذا عنده المرض الفلاني، ويسلمون له، يسلمون لكل واحد في فنه إلا للشيخ، إذا الشيخ تكلم في الطب يقولون: أنت ما لك والطب؟ وإذا هم دخلوا يهجمون على الشيخ قال: لماذا تهجمون عليّ؟ يقولون: هذا الدين ليس لك، الكهنوتية هذه ليست في الإسلام، الدين للكل.
نعم.
الدين للكل اعتقاداً، لكن العلم لطائفة معينة فقط, كما أنك تنكر أن يتكلم غير الأطباء في الطب، أيضاً لابد أن ننكر أن يتكلم غير العلماء في العلم، لكن جدار المشايخ قصير والكل يتسلق عليه ولا صريخ لهم.