هناك مسلسل اسمه العائلة، يحرمون فيه الخيار وغير ذلك من الأشياء، ويقولون: إن هذا فكر الجماعات الإسلامية.
هل هذا حق؟ أنا أُسَلِّم أنه يوجد من يحرم الخيار، لكن هل يقال: إن هذا فكر شريحة عريضة من المجتمع.
لا.
هذا تهريج؟! ومع ذلك فهم ينفقون الأموال الطائلة على مقاومة الإرهاب {فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال:36]، إن الذي يحارب الله لا ينتصر، وهؤلاء الذين يحرمون الخيار مع ما فيهم فهم أجود ممن يحارب الله ورسوله، ويكفيك أنت -يا من تتولى حرب الإرهاب- يكفيك الذي أنت فيه من اختلاسات ولصوصية؛ لكن من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور، وإذا غضب الله على العبد حرمه التوفيق.
لو أنهم يريدون الفتوى الشرعية في الخيار، فأنا أفتيهم الآن أن الخيار يمكن أن يكون حراماً، لأن الخيار والموز والفلفل الذي مثل البطيخ محقون بالهرمونات التي تسبب أمراض السرطان، وكل الزراعة الآن تالفة، وهذا ليس كلامي، فأنا لا أفهم في هذا المجال، إنما أنقل كلام المختصين في ذلك، فالموز الإسرائيلي محقون بالهرمونات، والخيار والفلفل كذلك محقون بالهرمونات؛ فلذلك يسبب أمراض السرطان، وعلماء الزراعة يقولون هذا، فإذا كانت المسألة كذلك، كانت الفتوى أن هذا أقرب ما يكون إلى التحريم.
هب أن رجلاً مجنوناً زعم أن الخيار حرام فهل نعمل عليه مسلسلاً كاملاً ونتهم شريحة عريضة من المجتمع أنها تحرم الخيار، وأن هذا فكرها؟ وهل تعالج القضايا بمثل هذه المسلسلات والتهريج؟ أليس هذا من الظلم البين والعدوان الواضح؟ إن هذا المسلسل يتهم العقائد، وينفي عذاب القبر، ويقول: الأزهر لا يراجع؛ لأن هذا مسلسل درامي، والأزهر لا يفهم إلا في مسلسل تاريخي.
إن هذا المسلسل يسب الله فيه ويقول: إن عذاب القبر ليس فيه نص من القرآن.
وهذا جهل؛ لأن عذاب القبر وارد في القرآن الكريم في آية صريحة جداً، ومع ذلك فإجماع علماء المسلمين أن السنة تنفرد بتقرير الأحكام، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، أنه سمع رجلاً يقول: أوجد لي كذا في كتاب الله، قال: يا أحمق! أوتجد الظهر في كتاب الله أربعاً، والعصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، والصبح ثنتين؟! تجد في كتاب الله عز وجل أن هذا يسر به وهذا يجهر به؟! قال تبارك وتعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46]، هذه هي آية إثبات عذاب القبر {غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا} [غافر:46]، غدواً وعشياً قبل قيام الساعة، أين يا ترى؟! في البرزخ، وهو عذاب القبر، مع ثبوت عذاب القبر في الأحاديث المتواترة، والنبي عليه الصلاة والسلام استعاذ من عذاب القبر، وأحاديثه في ذلك مشهورة: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا، وأعوذ بك من فتنة الممات، وأعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وأعوذ بك من فتنة القبر ومن عذاب القبر).
و (سلوا الله لأخيكم التثبيت فإنه الآن يُسأل).
وحديث البراء بن عازب الطويل في إثبات عذاب القبر وفي إثبات سؤال الملكين.
وقوله تبارك وتعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم:27] في عذاب القبر، وفي الثبات على كلمة التوحيد داخل القبر.
فحين يأتي هذا الرجل في مسلسله ويقول: إنه لا يوجد عذاب قبر، ولا يوجد نص من القرآن على ذلك، ويختم الحلقة على هذا، فماذا يعني هذا؟! أهو يخاطب الصم البكم العمي؟! لا.
ومع ذلك تجد الجماهير مستمرة في السماع.
ألا من رجل يغار على أحكام الله! إن جهاز التلفزيون وما يبث فيه سرطان ينخر في جسد الأسرة والمجتمع والأمة، فهو الذي ضيعنا ودمرنا، واقتناؤه حرام، حتى ما يبث فيه من المسلسلات التي يزعمون أنها دينية، من الذي يؤديها؟ أليس ممثلاً داعراً فاجراً كان يمثل عاشقاً في الحلقة الأخرى؟! فهل نرضى أن يمثل دور عمر بن عبد العزيز أو عمر بن الخطاب، أو عمار بن ياسر؟! هذا طعن في هؤلاء السادة العظماء وتحقير لهم، ومع ذلك لم يحرك المسلمون ضد هذا العفن ساكناً.
وقد رفعت الشكوى للوزير شخصياً -وزير الإعلام- فقال: (ما الجهاز ليه زرار، مش عاجبك.
اقفل) فنقول له: أنتم لماذا تقاومون أصحاب المخدرات؟! أليس كل شخص يعرف مصلحة نفسه، ويعرف أن المخدرات حرام؟! إذاً: اتركه يشرب، وكذلك دع السارق يسرق، ودع شارب الخمر يشرب الخمر؟!! لماذا جعل السلطان إذاً؟! هل كل الخلق يعرفون مصلحتهم؟! هل كل الخلق يمكن أن يقفوا على حدود الله عز وجل؟! والجماهير يجب أن تتنبه أن اليهود لا يلعبون، فألف مليون مسلم على وجه الأرض لا يستطيعون أن يقفوا أمام اثني عشر مليون يهودي في العالم كله، لا يستطيعون أن يرفعوا رءوسهم، وتتم المجزرة أمام أعينهم كما حصل في البوسنة والهرسك، وأريقت دماء الآلاف المؤلفة من المسلمين، وحتى الآن لم يستطع المسلمون أن يصدروا قراراً بضرب الصرب، القضية واضحة جداً.
نقول: إن النفاق يوجد في حال قوة الإسلام، أما في حالة الضعف فلا نفاق، وإنما كفر صريح، إذا ضعف الإسلام وجدت الكفر ظاهراً جداً، وصوته عالياً، وحينما يكون الإسلام قوياً جداً يظهر النفاق، والآن الكفر طافح صريح، والأحداث الجارية مؤلمة جداً، صار الإنسان لا يدري من أي سهم يتألم، وأي سهم يرد: تكسرت النصال على النصال ولو كان سهماً واحداً لاتقيته ولكنه سهم وثانٍ وثالث فهل نرد سهم المسلسلات الهابطة التي تنخر في جسد الأمة، أم قتل المسلمين وهم سجد ركع، أم سهم البوسنة والهرسك، أم سهم إرتيريا؟! فيا ترى أي السهام أشد إيلاماً من صاحبه؟! سهام كثيرة جداً والمسلمون مع ذلك لا يتنبهون: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38] في الجحود والنكران، {ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38] في هذا الفتور رغم الحريق المشتعل.
أنا كنت أتصور أن الإنسان يكون فاتر الهمة إذا كانت الأحداث فاترة، لكنها قوية جداً، ورد فعلنا -نحن المسلمون- لا يساوي الأحداث الجارية.
فالواجب أن نربي أولادنا على صد الكفر ومكر اليهود، فأولادنا يقعون ضحية المخدرات، والتطرف الديني أهون ألف مرة من التطرف الدنيوي، وحينما يتطرف المرء في دينه فذلك أفضل من أن يشرب المخدرات -والمخدرات قد طفحت في المدارس، والجامعات، والبعثات التي تذهب إلى إسرائيل- وأفضل من الوقوع في الفاحشة والإصابة بالإيدز؛ كما حصل لسبعين من كفر الشيخ هنا ذهبوا في بعثة ورجعوا يحكون عن الليالي الحمراء، وقد عشعش الإيدز في أجسادهم، وبهذا تقتل الأجيال القادمة.
وقد قرأت في مذكرات أحد الساسة الإسرائيليين أنهم كانوا قد نشروا أسرار حرب سبعة وستين قبل وقوع الحرب بخمسة عشر يوماً في الجرائد الأوروبية، وبعدما حصلت الحرب سألوهم عن ذلك، لأن نشر أسرار الحرب على جريدة يعني أنها مناورة لا أقل ولا أكثر، ولا يمكن أن تكون خطة حرب، فلما وقعت الواقعة سألوهم عن هذه الجرأة، فكان ردهم: (إن العرب لا يقرءون وإذا قرءوا لا يفهمون).
وما صرنا إلى هذا إلا بعد أن تركنا ديننا وخالفنا أمر ربنا، وإلا فالمسلمون هم أهل العقول النيرة، وأذكى الناس هم المسلمون، لكن العرب هم الجنس الوحيد الذين لا يصلحون إلا بدين، فغيرهم يصلح بغير دين، لكن العرب لا يصلحون إلا بدين، ويعرف هذه الحقيقة من قرأ التاريخ.
فقد كانت قبل الإسلام قبائل متناحرة لا قيمة لها، فلما جاء الإسلام فجر طاقاتهم، ولم شملهم، وجعلهم قادة أمم، ولا يمكن أن يعود للإسلام مجده إلا من بلاد العرب، ولا يمكن أن يخرج من بلاد الغرب، بدلالة النصوص الكثيرة، فالعرب هم الشجعان بالإسلام، وبلادهم مهبط الديانات.
فهل يتصور لو قامت حرب أن أي أمة تستطيع أن تقاتل قتال العرب المسلمين؟ أبداً.
لا يمكن ذلك، لذلك في حرب الخليج قدموهم.
إننا نحتاج إلى يقظة، فكل امرئ حجيج نفسه، أنت رب بيتك، فما الذي يمنعك من الإصلاح؟! ما الذي يمنعك؟! فالحكومة ليس لها دخل في بيتك، ما الذي يمنعك أن تصلح بيتك؟! ربِ أولادك، فالجيل القادم سيمكن له إن شاء الله، أما جيل آبائنا فقد شرب كل الهزائم، لذلك هو غير مستعد للتضحية، والتضحية عنده جنون، ومن الطبيعي في هذه الحالة أن لا ينتصر الإسلام بنا، لكن إذا تربى أبناؤك على التربية الصحيحة، فالوضع يختلف، والمسألة مسألة وقت فقط، وسوف يمكن الله لهم.
الإنسان عندما ينظر للمسلمين في بقاع الأرض يشعر بحسرة، فأين الحرارة التي كانت موجودة -مثلاً- عند الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله؟! فقد كان هذا الرجل مهموماً بالمسلمين دائماً، رأته أمه يوماً مكتئباً في ذات صباح، فقالت له: يا بني! مالك، أمات مسلم في الصين؟! رجل همومه تتجاوز -لا أقول: مصالحه الشخصية- إنما تتجاوز بلده إلى البلاد الأخرى، فقد كان نبيلاً ذا همة.
لو أن فينا ثلة من طراز الصحابة لفتح الله بنا، ولكننا ما عَبَّدنا أنفسنا لله عز وجل كما ينبغي.
واعلم أنك لن تحكم العالم وأنت عاجز أن تقيم أسرتك على طريق الله، خمسة أفراد لا نستطيع أن نضبطهم على أمر الله فكيف سنقود أمة؟! إذا عجزت أن تقول للولد: صل، وللمرأة: البسي الحجاب، فأنت إنسان عاجز، وتعجز بداهة عن الأقوى والأكثر، نحن نحتاج إلى تجديد العهد الذي بلي، وإقامة شرع الله في حياتنا: بأيمانهم نوران ذكر وسنة فما بالهم في حالك الظلمات رئيس تحرير جريدة الوفد يكتب بالخط العريض: القرآن غير صالح لكل زمان ومكان! فهو يطعن في هيمنة الكتاب المجيد، والله عز وجل حكم أنه مهيمن على كل الكتب السابقة، وقال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:38]، وهو يقول: غير صالح، فلا نفاق الآن -ك