أيها الإخوة: إن المعركة بيننا وبين اليهود معركة عقيدة، وليست قتالاً على الأرض، فالذي يراهن على الأرض خاسر، والذي يستظل بلواء العقيدة لا ينهزم، وهذا هو الفارق الجوهري بيننا وبين اليهود.
رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما يلقي خطاباً في الكنيسة، يقرأ آية من التوراة توقيراً للتوراة، ويتلوها وهو معتقد أن هذا حق، ونحن نقاتل على تراب نريد أن نسترد أرضاً، اليهود يستطيعون استرداد الأرض التي أعطونا أياها في أسرع وقت.
ولقد صرح أكابر السياسيين اليهود أن باستطاعتهم طرد ياسر عرفات وأخذ فلسطين كلها.
لقد شرع الجهاد لإعلاء كلمة الله.
سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، وعن الرجل يقاتل حمية، هل ذلك في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
اليهود يتحركون عن عقيدة، والقدس تشكل بالنسبة لهم حجر الزاوية، فهم يعتقدون أنها أرض الميعاد، وأنهم الشعب المختار وهذه أرضهم، لقد جاءوا من كل بلاد الدنيا إلى هذه البقعة، والدول الكبرى كلها تدعم هذا الوجود، خاصة بعدما ظهر مصطلح الأصولية، والأصولية تعني: أن العهد الجديد التحم مع العهد القديم.
العهد الجديد: الإنجيل، والعهد القديم: التوراة، ومسألة أرض الميعاد قد هيأ لها اليهود من قديم، حتى أنهم استطاعوا أن يستقطبوا النصارى معهم في هذه المسألة، وأن يجدوا مساعدات بالمليارات لتحقيق الوعد الذي هو واردٌ عندهم في التوراة.
فهذه مسألة حيوية جوهرية، لن ترد القدس بالمفاوضات أبداً، لن يردها إلا الجهاد لكن بعد أن تكون الأمة قد خسرت كثيراً جداً.
في هذا الوقت يدخل شارون المسجد الأقصى؛ لأن هناك مفاوضات على القدس وإعلان الدولة الفلسطينية، فقال لك: نعمل أي حركة جانبية، نشغلهم بها عن الموضوع الأصلي.
هذه المفاوضات والقمم تقام لوقف الصلف اليهودي، والرجوع مرة أخرى إلى قرارات أوسلو، وفي هذه الفترة يشن اليهود غزواً ثقافياً واقتصادياً، فالإعلام والاقتصاد والمال بيد اليهود، وهم حريصون على إدخال الحشيش والمخدرات والأفيون إلى بلاد المسلمين، وهم على استعداد أن يخسروا مائة مليار دولار على أن تقفل كل المصانع في مصر، وكل هذا الكلام مدون في بروتوكولات حكماء صهيون، وأنا لا أدعو الجماهير إلى قراءة كتبهم، لا.
الجماهير يجب أن تشتغل بالكتاب والسنة، إنما الذي يقرأ هذه الكتب هم الدعاة إلى الله؛ حتى يعرفوا كيف يكيد الأعداء لهذه الأمة.
ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ زيد بن ثابت: (تعلم لغة يهود فإني لا آمنهم على كتابنا) فتعلم زيد بن ثابت لغة اليهود وأتقنها في ثمانية عشر يوماً؛ لأن هذا جهاد يرضي الله ورسوله.
وكما يقرأ العلماء في كتب أهل البدع، ليعرفوا كيف يؤسس أهل البدع أصولهم حتى يردوا عليهم ويحموا عقيدة أهل السنة، ويكشفوا التلبيس والتزوير، كذلك قراءة علما في كتب أهل الكتاب ومعرفتهم بالأناجيل والتوراة، وقد وجد من علمائنا من كانوا أفقه في دين النصارى من أعظم القساوسة، كـ ابن تيمية وابن كثير وابن القيم.
فيجب أن يحال بين الجماهير وبين هذه الكتب؛ لأنها مضيعة للوقت ولا فائدة منها بل خطرها على عوام الجماهير شديد.
وهناك شيء آخر وهو: أن بعض الدعاة يضخم إمكانات العدو ويحقر من إمكاناتنا، وهذا إذا جاز أن يقال: أنه يوضع كالملح في الطعام، فلا يجاز أن يدندن عليه بصفة دائمة، لأن ما ظنك برجل مهزوم كل يوم تقول له: لا فائدة الأقمار الصناعية تراقب دبيب النملة، هم عندهم أربعمائة إذاعة وخمسمائة مجلة، والعملاء بالألوف المؤلفة، فهذا معناه عند رجل مهزوم أن يزداد هزيمة، ولا يتحرك، فقد يكون من المصلحة أن تحجب إمكانات عدوك عن الجماهير التي لا تدرك شيئاً لكن عليك أن تضع الإمكانات الحقيقية بين أيدي أصحاب القرار، الذين يعرفون كيف تدار الأمور.
في بروتوكولات حكماء صهيون قالوا: نحن سوف ندعو إلى تحريم تعدد الزوجات، وقد كنت أستغرب كيف سيحرموه هل سيأتي شخص يقول لك: إن تعدد الزوجات حرام؟ لقد ظللت أفكر حتى دخلت في حيرة، ولم أصل إلى النتيجة إلا بعد فترة، وقد كانت النتيجة أن بثوا وزرعوا في عقول الناس اشتراطات وأسئلة ثلاثة، جعلوا الزوج والزوجة يفكران فيها قبل أن يقدما على الزواج: السؤال الأول: هل توافق على أن تكون العصمة في يد امرأتك؟ فلو كان هناك رجل يحب امرأة ويموت في حبها، ويريد أن يتزوجها وشرطت عليه أن تكون العصمة بيدها لوافق.
وللأسف عندنا شريحة من الرجال مستعدة لهذا الأمر تلقائياً.
السؤال الثاني: هل توافقين أن يتزوج زوجكِ عليكِ؟ إن أي امرأة لو أتيت بها وخيرتها من قبل الزواج: هل توافقين أن يتزوج زوجك عليك؟ لقالت: لا.
ومعلوم لدينا أن المرأة إذا كانت من الطراز الذي يحمل هموم الأمة، ويعتقد أن التعدد نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله ستقول: نعم أوافق، لكنها سوف تجد ضغطاً من المجتمع كيف توافقين على هذا يا مجنونة، أنت مخدوعة، ما هذه المبادئ التي تتكلمين عنها.
إذاًَ: لا يوجد من النساء من سيوافق على هذه المسألة، وبطبيعة الحال فإن هذا الأمر لو كتبته بيديك فإنه سوف يرفع بأمرك إلى المحاكم وتدخل في سؤال وجواب.
هذه المرحلة الأولى.
المرحلة الثانية: استحداث عقوبات للمخالفات، فإذا أخللت بشرط من شروط العقد يحدد لك عقوبة.
وسيكون نتيجة تطبيق ما سبق من مراحل: أن تظهر شريحتان في المجتمع: شريحة ستجعل العصمة بيد المرأة، والشريحة الثانية: أن المرأة لن تسمح أبداً لزوجها أن يتزوج عليها بل تشترط ذلك في عقد الزواج.
السؤال الثالث: هل توافق أن تعمل امرأتك؟ هذه هي الثلاثة الأسئلة المكتوبة!! لماذا؟ لأن الفساد كله يتحقق بها أو بنفيها، فاليهود استطاعوا بدهاء ومكر أن يستخدموها، مثلما استخدموا الشيخ محمد عبده في الثناء على قاسم أمين.
كانت الماسونية العالمية تدعي إليها بعض العلماء ليتحدث في نواديها ومنتدياتها، ونتيجة للجهل والتغرير كان أحدهم يذهب ويقول: أنا أبلغ كلام الله في أي مكان.
ومن هنا تكتسب التزكية والقبول.
هؤلاء جميعاً لهم أهداف وهم صناع القرار في العالم، إذا أرادوا تولية أحد قيادة أي بلد من البلدان أخذوه ووضعوه تحت المجهر من طفولته إلى أن يضعوه في المكان المناسب.
أذكر أنه كان هناك مسجد في القاهرة يراد توسعته، فقام الخطيب وقال: يا إخوان! نحن نريد أن نوسع المسجد بسبب ضغط المصلين، ونحن نحتاج إلى مائة ألف جنيه، وقد كان هذا الكلام عام (1976م)، فقام شخص بعد ما أنهى الخطيب كلامه وقال: أنا أنتمي إلى نادي (الروتاري) وسأتبرع بمائة ألف، فصاح الناس: الله أكبر، بارك الله فيك، والناس -طبعاً- لا يعرفون ما المقصود بكلمة (روتاري)، هم يعرفون أن الرجل محسن وأنه يريد الخير.
فقام رجل مسلم من جنوب الفلبين لما سمع الكلمتين وقال: اسمحوا لي بكلمة وأمسك الميكرفون وتكلم، فبين للناس أنه سيُكتب على لافتة الملحق الجديد للمسجد: أن هذا الملحق بناه نادي (الروتاري) وهذا يعطي سمعة حسنة لهذا النادي الماسوني.
وبين للناس حقيقة هذا النادي وأهدافه.
فلما يقال: إن نادي (الروتاري) يحتاج إلى أعضاء جدد، فإن أي إنسان سيعلن انتماءه إليه مباشرة، وإذا وجدوا داعية أو عالماً استدرجوه بأن يذهب إلى النادي ليلقي محاضرة عن الأخلاق والقيم والمبادئ.
ثم يخرج الإعلان في الصحيفة في اليوم الثاني أن العالم والداعية الفلاني شرف نادي (الروتاري) وألقى فيه محاضرة.
فيتخذون من سمعة العالم أو الداعية ستاراً لمزيد من الإيهام، وينطبع في مخيلة الجماهير: لولا أن هذا النادي أهدافه عظيمة وحسنة ما جاءهم العالم الفلاني.
هذه الحقائق لابد أن يعرفها أهل العلم، وعليهم أن يبصروا الجماهير بها بالطريقة اللائقة، والحكمة والموعظة الحسنة.
نحن قلنا: إن اليهود لهم معنا حروب طويلة، وليس من حق أي مخلوق مهما كان قدره أن يقول: إن الحرب بيننا وبين اليهود الآن آخر الحروب، ليس من حقه أن يقول ذلك؛ لأن الله عز وجل قضى أن الحرب بيننا وبين اليهود لن تضع أوزارها إلا مع قيام القيامة.
فالحرب بيننا وبينهم دائمة مستمرة، ونحن لابد أن نكون مستعدين، ولا نضلل الجيل القادم، وأنا معتقد أن الجيل القادم سوف يكون ذا قيمة، وأن المواجهة مع اليهود ستكون مواجهة شاملة مع جيل أولادنا.
ولهذا ينبغي أننا نربي أولادنا على عقيدة الانتماء لله ورسوله، والعزة التي نقرأها في جيل الصحابة رضي الله عنهم وجيل التابعين من بعدهم، ونحدثهم عن المعارك التي انتصر فيها المسلمون من أهل الشام ومصر على التتار.
لقد قرأت أحداث لكل المعارك وأنا راجع من رحلة الإمارات إلى القاهرة في خلال ثلاث ساعات، لقد ضللت أبكي منذ بدأت القراءة حتى نزلت المطار؛ لأن التتار كانوا قد ملكوا الدنيا كلها، وكان اسم التتار يبعث على الرعب.
لقد بدأ التتار يجهزون الجيوش حتى دخلوا الشام، فبدأ أهل الشام يستنجدون بأهل مصر، وبدءوا يراسلون الخليفة ولقد كان لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله دور كبير في معركة شقحب التي يقول فيها ابن القيم رحمه الله: (ورأيت شيخ الإسلام يركب فرساً ويقاتل كأشجع الفرسان وما ركب فرساً قط)، وكان شيخ الإسلام يطوف على الجنود ويتكلم بقلبه، ويحلف أننا منصورون هذه المرة، وكانت المعركة في رمضان، وكان يذكرهم ببدر وأنها كانت في رمضان.
وكان يفتي الجنود بالإفطار ويقول: تقووا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفطروا، وكان يحلف بالله أننا منصورون هذه المرة، فقال له الخليفة: (قل: إن شاء الله) فقال: (تحقيقاً لا تعليقاً) إن شاء الله هي موجودة في قلوبنا حتى لو لم نتلفظ بها.
ودارت رحى الحرب بعدما قسّموا الجيش إلى ثلاث فرق: الميمنة والميسرة والقلب، وكان الخليفة والأمراء في الخلف، وهجم التتار على الميسرة في الليل، واستطاعوا أن يقتلوا أكثر من ثلاثة آلاف مسلم