فالشيخ الألباني كان صارماً، ولكن في المناظرات مع المخالفين، ولكنه كان رقيقاً جداً في آخر حياته، وغلب عليه الزهد، ورق قلبه كثيراً، وكان سريع الدمعة في آخر حياته، وقد حدثني إخواني كثيراً عنه، وسمعته في أشرطة مع أخت جزائرية اتصلت به، وقالت: يا شيخ! أنا رأيت في المنام أنا وأخت لي -وكنا في شرفة- أن النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الطريق، وبعد ذلك بقليل رأيت شيخاً يمشي خلفه، فسألتني صاحبتي: من هذا؟ قلت: الشيخ الألباني، فرأيتك تمشي خلف النبي صلى الله عليه وسلم على نفس الطريق.
فالشيخ لم يتمالك نفسه من البكاء، وبكى وانتحب بصوت عال، وفض المجلس الذي كان معقوداً آنذاك لطلبة العلم في بيته أو في بيت أحد إخوته، فكان سريع الدمعة غزير العبرة في آخر حياته.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم الشيخ الكبير، وأن يجزيه عما فعل من تنقية لسنة النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة، ومن تعظيم الدليل، ومن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، أن يجزيه عنا خير الجزاء، وأن يخلف على المسلمين في مصابهم الجلل، لاسيما وقد فقدنا ركناً رشيداً أيضاً بوفاة شيخ جليل قبل أربعة أشهر وهو سماحة شيخنا الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله، فمات أكبر علمين من علماء المسلمين في هذا العصر، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم من مضى، وأن يبارك فيمن بقي.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.