الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدي السبيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
الإعراض عن الأخذ بمقتضى الأسباب قدح في الشرع؛ لأن كل شيء ندبك الشرع إليه لا يكون إلا بسبب منك، وكل شيء ندبك الشرع إليه وأمرك به وجوباً أو استحباباً لابد من إحداث سبب له، فإذا تسنى لك أن تعرض عن السبب فقد أعرضت عن كل الأوامر والنواهي، ولذلك أباح الله الميتة مع أنها محرمة، لماذا؟ حتى لا تموت، لذلك قال سفيان الثوري أخذاً بمفهوم الآية: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:3] والقاعدة الفقهية معروفة: (الضرورات تبيح المحذورات) قال سفيان الثوري أخذاً من هذا: من جاع فلم يأكل حتى مات دخل النار؛ لأن الله تبارك وتعالى ما أباح له الذي حرمه إلا ليحفظ حياته، وليس لها معنى إلا ذلك، فكونه يتلف حياة نفسه ويعرض عن الذي أعطاه الله إياه فهو معرض عن رخصة الله تبارك وتعالى له، معرض عن أمره، يموت وهو كافر.