قال الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]، هذه الآية يفهمها كثير من الناس على خلاف ما نزلت له، فيفعل الشيء الذي لا يجوز له فعله بدعوى التخلف من الضرر، مع أن هذه الآية نزلت كما قال أبو أيوب الأنصاري: (قلنا: نجلس في أموالنا نصلحها وندع الجهاد في سبيل الله)، فالتهلكة هي ترك الجهاد، مع أن الجهاد مظنة الموت، لكن ترك الجهاد هو التهلكة، ومن استقرأ ما نحن فيه الآن علم ذلك، فلا يجوز لعبد أن يقول: أنا قد وضعت سيفي وهذه آخر المعارك، وله عدو في الأرض! هذا جنون وخبل، أن تضع سيفك وعدوك شاهر سيفه، وتقول: هذه آخر الحروب، وتقول: أنا لا أريد الدماء أن تسيل على الأرض، سبحان الله، فإذا فرضنا ذلك وأنك سئمت القتال فدخل عليك عدوك، وهجم عليك بغير اختيار منك، ماذا تفعل؟ أليست دماء أولادك ستراق في الدفاع، فطالما لك عدو لا تضع سيفك، ولا تضع سلاحك.