فالحمل ثقيل جداً جداً، بينما تقاعس المسلمون عن هذا الحمل، وكل واحد يبحث عن مصالحه الشخصية، كل واحد أهم شيء عنده أن يأكل ويشرب ويلبس، والأمة هذه من يحمل همها؟ هذه مسألة مهمة لا بد من النظر إليها بعين الاعتبار، فتواجد وانتشار طلاب العلم وإن كان أكثر من الأول، ولكنه لا زال ضعيفاً جداً، لكن أول الغيث قطر، إن الجبال من الحصى.
نحن نعلم أن الدعوة تحتاج إلى أكثر من هذا، وينبغي على أصحاب الأموال أن يحملوا هذا العبء ولا يتضجروا منه؛ لأن الحمل الذي يحمله الدعاة أكثر من حملكم، لا تظن أنك إذا أعطيته مائة جنيه أو مائتين أو ثلاثمائة أو أربعمائة أن حملك ثقيل بهذا، لا، إن حمله أكثر منك، فهذا الرجل يطوف البلاد ويجوب الطرق، تأتي الساعة الواحدة والثانية ليلاً وهو يمشي في الطرقات من هذه البلد إلى هذه البلد، فلا تمن عليه أبداً في يوم من الأيام بهذا المال الذي تعطيه إياه، فإن الله عز وجل غني حميد، وهو الذي يمن وحده على عباده.
فأمثال هذا الكاتب ليس الخطورة في كذبه، لكن الخطورة في زخرفة الكذب، والرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الذي ذكرته آنفاً: (أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن)، فعندما يقول لك: قال الله، ماذا ستقول؟ وأنت ليس عندك علم؟ والقرآن له قداسة في النفوس، فأنت لا تستطيع أن ترد الآية، وهناك أرضية في قلب كل إنسان على استعداد لتقبله حتى ولو كان هذا الإنسان مجرماً، وهذا منافق عليم اللسان، يستطيع أن يزخرف القول.