Q إني شابٌ مقبل على الزواج، وإني أرغب الزواج بامرأة تكون على خلق ودين وتكون جميلة، هذا ما أرغب به في الفتاة التي أرغب الزواج منها، ولكني وجدت فتاةً على خلق ودين، ولكنها متوسطة الجمال، فهل أتنازل عن أمر الجمال أم أبحث عن غيرها حتى لا أندم بعد ذلك؟ أرجو الجواب.
صلى الله عليه وسلم تحضرني قصة لرجل كان قد أرسلها لجريدة الجمهورية من سنوات طويلة، يقول: كنت أعمل في بلدة من الدول العربية، وجئت فنزلت شارعاً أشتري شيئاً، فرأيت فتاةً بارعة الجمال سلب جمالها لبي، فمشيت وراءها حتى دخلت دارها، فما إن دَخَلَتْ حتى طَرَقْتَ الباب، فقلت: إني أريد أن أتزوج هذه الفتاة.
وقال: أنا مشيت في الشارع، ورأيتها هذه امرأتي التي أبحث عنها.
فالمهم: دخل واشترطوا عليه من المهر كذا وكذا، وفعلاً تزوجها.
كانت باعث مشكلته، يقول: إن هذه المرأة أنفق عليها كل مدخراته، ورغم أنه وحيد أمه إلا أنها من أول يوم تغسل ملابس أمه مع ملابسها.
الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك).
هذا خبر، بمعنى أن الناس يراعون هذه المسائل الأربعة في نكاح النساء، فمنهم من ينكح المرأة لجمالها ومنهم من ينكحها لحسبها وأخرى لنسبها وأخرى لدينها فقال صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).
وذات دين جميلة أفضل من ذات دين فقط، ذات دين جميلة وغنية أفضل من ذات دين جميلة فقط، وهكذا! الدين هو الأصل، وكلما كانت هناك خصلة أخرى تضمها إلى الدين، كان أفضل من الدين وحده، هذا لا شك فيه عند العلماء؛ لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) (تربت يداك): هذا تعبير يحتمل المعنى بالضد، (تربت يداك): بمعنى افتقرت، ولكن السياق هو الذي يحدد المعنى.
وأم سليم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! أتحتلم النساء؟ فقالت أم سلمة: فضحت النساء يا أم سليم، أو تحتلم المرأة؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تربت يمينك.
! فبم يشبهها ولدها) فأثبت احتلام المرأة، فقال العلماء: (تربت يمينك) افتقرت، وهي كلمة دعاء لا يقصد بها الدعاء بذاته، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ معاذ (ثكلتك أمك) ما قصد الدعاء عليه أن يموت أو أن تثكله أمه، وإنما هي كلمة تجري على اللسان، وكقول النبي عليه الصلاة والسلام: (قتلوه قتلهم الله) وهذه الكلمة تجري على اللسان.
(تربت يمينك) أو (تربت يداك) بمعنى: افتقرت، وقد تأتي بمعنى النماء والبركة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) فهي في هذا الحديث بمعنى: النماء والبركة، أي: فاظفر بذات الدين تعلقت يداك بالبركة ولا يمكن أن تكون (تربت يداك) بمعنى: افتقرت أبداً؛ بدليل كلمة (اظفر) ولا يمكن أن يقول له: اظفر بالفقر أبداً، وإنما اظفر بذات الدين.
فإذا لم تجد بُداً، ووجدت أن المرأة ذات الدين ليست جميلة، فأنا أنصحك أن تتزوجها.
واسمع هذه القصة: أرسل الإمام أحمد رجلاً يخطب له امرأة، فخطب امرأة ولها أخت، وهذه الأخت كانت عوراء، فجاء الإمام أحمد، وقد علم الرجل أن الإمام أحمد سيتزوج تلك المرأة، وكانت أختها العوراء تجلس بجانبها، فالإمام أحمد أشفق عليها، وقال له: لا أريد هذه، اخطب لي تلك العوراء، وخطب العوراء، وأنجب منها الإمام عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل راوي المسند، الإمام الكبير الثقة.
والرسول عليه الصلاة والسلام قال: (إذا رأى أحدكم المرأة تعجبه، فليأتِ أهله؛ فإن معها مثل الذي معها) هذه هي القضية، إذا قضى الرجل حاجته، استوى عنده أجمل النساء وأقبح النساء.
وهذه حقيقة أقولها، وأنا ما عرفت هذا الكلام إلا من شكاوي إخوة كانوا يقولون: إن الغالب على الأخوات الملتزمات عدم الجمال المبهر، فأقول: إنه الجمال نسبي، بمعنى أن المرأة القبيحة في بيتها إذا تزينت رأيت منها جمالاً.
أما الجمال الصارخ على حد قول من يقول: لم يره الشارع؛ فإن الله عز وجل يعطيك من المرأة العفيفة ما هو أفضل وأجمل وأرضى لنفسك منه.
فلا تترك ذات الدين لأجل الجمال، واعلم أن الجمال نسبي، وأن الرجل إذا قضى حاجته يستوي عنده أجمل امرأة مع أقبح امرأة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأى أحدكم المرأة تعجبه فليأتِ أهله؛ فإن معها مثل الذي معها) البضع واحد، فلذلك أنا أنصح هذا الأخ ألا يقف كثيراً عند مثل هذا الشرط.
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم بذات الدين.