لما رأى الغلام الراهب مال إليه؛ لأنه سمع كلامه فأعجبه، وكلام الراهب إنما هو من الوحي، وقيل له: هذا وحي؛ لأنه يمس القلب، فصار الغلام يطيل الجلوس عند الراهب، فإذا جاء إلى الساحر متأخراً ضربه، والساحر يريد أن يستوفي وقت التعليم، وإذا تأخر الولد في الرجوع إلى أهله ضربوه، فيُضرب هنا وهناك، فشكا ذلك إلى الراهب الذي صار محل سره، فقال له الراهب: إذا ضربك الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا ضربك أهلك فقل: حبسني الساحر.
هذا النوع من الكذب جائز، قال صلى الله عليه وسلم -كما في حديث أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها-: (ثلاث من الكذبِ لا أعدهن كذباً: كذب الرجل على امرأته، وكذب الرجل يصلح بين المتخاصمين، وكذب الرجل في الحرب).
هذه الثلاثة الأنواع جائزة وبعضها واجب، مثل: كذب الرجل في الحرب؛ فإنه يأثم إذا صدق، قالوا له مثلاً: أين مطاراتكم؟ أين مواقعكم؟ فإذا قال الحقيقة أثم.