محمد بن واسع

ومن علو الهمة أيضاً: ما قاله محمد بن واسع رحمهُ الله، محمد بن واسع هذا يعرفه الله، وقل من الناس من يعرفه، لما تقرأ سيرته تبكي على نفسك، هو صاحب الكلمة الشهيرة: (لو كان للذنوب رائحة ما استطاع أحد أن يجالسني)! وكان محمداً من العباد الزهاد.

كان يقول: (إني لأعرف الرجل يبكي عشرين سنة، ورأسه بجانب امرأته ما تشعر امرأته به).

يعني: يبكي من خشية الله فتدركه العبرة، فلا تشعر امرأته به، ورأسه بجانب رأسها! يا لعلو الهمة! ولذلك حق لمثله أن يكون في زمرة السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فذكر منهم صلى الله عليه وسلم: (ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).

أنت تعرف الدمع، إنما يسوقه قائدان، الدمع لا ينزل إلا إذا ساقهُ قائدان: القائد الأول: قائد الخوف.

والقائد الثاني: قائد الشوق.

الخائف باكٍ والمشتاق باك، كلاهما يبكي، فالخائف من الله عز وجل يبكي، والمشتاق إلى لقائه يبكي أيضاً، فالذي عمَّر قلبه بذكر الله عز وجل إذ قلبه يطوف حول العرش إنما يبكي: إما فرقاً وإما شوقاً، فلا يزال يبكي أبداً، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال هنا: (ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).

ومشكلتنا في هذا الزمن مشكلة همم، ولذلك نحن نحتاج إلى من يبرز، وأنا أهيب بالدعاة وطلاب العلم أن يعقدوا المجالس في سير السلف، وأن يقرءوا سير السلف، ويقفوا عند المثال التربوي في سير هؤلاء العظماء، ويعرضوها على الجماهير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015