غياب العالم الرباني سبب في فقدان الأدب

وكيع بن الجراح وهو أحد الأئمة الثقات الحفاظ، شيخ أحمد وغيره، ولم يثبت أنه كان شيخ الشافعي، ولم يثبت له لقاء به الشافعي، وأنبه على هذا عرضاً؛ لأنهم ينسبون إلى الشافعي بيتين من الشعر، يقول: شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نورٌ ونور الله لا يهدى لعاصي بل الإمام الشافعي كان من طبقة وكيع، فكيف يمكن أن يتتلمذ عليه أو أن يكون شيخاً له، إلا إن كان من باب رواية الأقران عن بعضهم، ولم يثبت هذا أيضاً، إنما هو شيخ للإمام أحمد، والإمام إسحاق بن راهويه.

فكان وكيع يقول: يا أهل الحديث! أدوا زكاة الحديث، اعملوا عن كل مائة حديث بخمسة.

أنا أرجو أن ينظر كل مسلم في محفوظاته من الأحاديث النبوية، ثم ينتقي خمسة أحاديث فيترجمها إلى الواقع العملي.

فغياب العالم الرباني هو السبب في هذه النهضة العلمية التي لم تواكبها نهضة أخلاقية، وأنا هنا أبين لكم أن فقدان الشيوخ هو السبب المباشر لغياب الأدب، ولا يتصور أحدكم أن التلميذ كان يذهب إلى الشيخ يتلقى عنه علماً نظرياً فقط، إنما كان يتلقى عنه الأدب مع العلم، ومن أعظم ما استفاده التلامذة من الأساتذة الكبار: الذل وانكسار النفس وذهاب الكبر؛ لأن هذا العلم لا يصلح إلا بتواضع وإخلاص نية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015