لكن ينبغي أن لا يقص الرجل رؤياه إلا على عالمٍ أو ناصح؛ فإنه إذا فعل غير ذلك خسر.
ويستفاد هذا من قوله تبارك وتعالى، قال: {قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف:5]، فدل هذا على أنه لا يجوز أن تقص الرؤيا إلا على ناصحٍ محق، أو على عالمٍ بها، وقد ورد هذا صريحاً في صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها، فليحمد لله وليستبشر بها)، هذا القدر أيضاً في صحيح البخاري، لكن زاد مسلم: (ولا يقصها إلا على من يحب).
فإن الرؤيا إذا كانت بشرى فصادفت سامعاً ماكراً قلبها عليه، فلا تكون في حقك رؤيا إنما تكون تحزيناً حينئذٍ: {يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف:5]، فقد علم يعقوب عليه السلام حسد إخوته له، فإذا قال لهم: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف:4]، حسدوه، وقلبوا له التأويل، لذلك لا ينبغي أن تقص الرؤيا إلا على عالم، فإن الرؤيا لها ضوابط في التفسير، وليس كما يقول الناس: الرؤيا بالعكس، هذا غير صحيح، فقد يرى الإنسان في الرؤيا شيئاً سيئاً ويقع كما رأى، وسأذكر نماذج لذلك الآن، لكن إذا قصها على عالم -وعنده ضوابط التأويل- استفاد الرائي.