إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
أيها الإخوة الكرم: لماذا تقوم الحروب بين الناس؟ هذا السؤال ليس له إلا جوابٌ واحد، وهو أن كل طائفة على وجه الأرض تبحث عن التمكين لها، كل الحروب القائمة على وجه الأرض سببها البحث عن التمكين، فالنظام العالمي الجديد الذي تحاول أمريكا أن تفرضه باستخدام مذهب اللصوصية والإرهاب، كل هذا ليكون لها مكان -وأصل التمكين من المكان- وشرع الله عز وجل الجهاد للمسلمين لأجل هذا التمكين.
إذاً: غاية النزاع في الأرض سببه التمكين، لذلك امتن الله عز وجل على بني إسرائيل أنه مكّن لهم، فقال عز وجل: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} [القصص:5]، وقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24] بعد ذكر التمكين مباشرةً، ذكر الله عز وجل ميلاد موسى، فقال تبارك وتعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص:7] إذاً: التمكين يحتاج إلى رجال، رجال يجودون بأرواحهم للدفاع عن دين الله، وعما يعتقدونه على أي حال، فالمسلمون يجودون بأرواحهم دفاعاً عما يعتقدونه الحق من دين الله عز وجل، فسبيلنا إلى التمكين، وجود رجال، وبغير هذا الشرط لا يكون هناك تمكين أبداً، فلا تمكين إلا برجال، الرجولة ترضع من الصغر، فالذي يضيع عمره وطفولته، يضيعها في الفوضى لا يؤمّل الخير فيه، ومثل هذا لا أبني عليه بناءً سامقاً، لأن الأصل ضائع، فأنت أردت أن تبني برجاً، فكلما أردت أن تصعد إلى فوق يجب عليك أن تهتم بالأساس -المسألة هكذا متناسبة- الصعود إلى فوق معناه الاهتمام بالأساس، فأساس الإنسان طفولته، هذا البناء العظيم الذي يبنى، وهذه المسئولية الجسيمة التي توضع على كتف الإنسان، لا يتحملها إلا رجل له بطولة مشرفة، وأين ذهبت طفولة أولادنا؟، ماذا علمناهم؟ أكلوا وشربوا وذهبوا إلى المدارس وتعلموا كل شيء إلا الدين.
هكذا ذهبت طفولة أولادنا هدراً، واعلم صلاح البيت مناط بصلاح الأساس، هذا هو معمل تخريج الرجال، والمرأة تعرف مسئوليتها، والرجل يعرف مسئوليته.