كعب بن الأشرف آذى النبي صلى الله عليه وسلم، وشبب بنساء المؤمنين، فقال عليه الصلاة والسلام يوماً -كما في الصحيحين -: (من لـ كعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله.
قال محمد بن مسلمة: أتأذن لي في قتله؟!)، أتعلمون من هو كعب بالنسبة لـ محمد بن مسلمة؟ إنه خاله، ونحن نعرف أن الروابط من جهة الأم تكون أقوى من الروابط من جهة الأب في محل الحنان، فتجد خالك أحن عليك من عمك.
وهذا خاله، لكنه آذى الله ورسوله، فلا يساوي بعرة ولا قيمة له فقال: (أتأذن لي في قتله؟ قال: نعم.
قال: فهل تأذن لي أن أقول له شيئاً؟ -يعني أن أكذب عليه حتى أستدرجه- قال: نعم)، فذهب معه أبو نائلة، أخو كعب بن الأشرف من الرضاعة، يعني: ليس رجلاً غريباً، إنما تربطه به أواصر محبة، كان من الممكن أن يحابي ويقول: يذهب غيري؛ فإن قلبي لا يطاوعني ولكن: نعادي الذي عادى من الناس كلهم بحق ولو كان الحبيب المواتيا فذهبا إليه وقالا له: (إن هذا الرجل -يعنيان النبي صلى الله عليه وسلم- قد أعنتنا وشق علينا، وطلب منا صدقة ونحن لا نجد ما نأكل.
قال: قد علمت والله ليشقن عليكم.
قالوا: ولكنا لا نريد أن نظهر أننا تركناه حتى نرى شأنه أو ما يؤول إليه أمره، فهلا أعطيتنا وسقاً أو وسقين من شعير فنعطيهما لهذا الرجل؟! قال: ارهنوني شيئاً -وسق من شعير أو وسقين لا قيمة لهما، فانظر إلى هذا المشرك الكافر ماذا يريد في مقابل وسق! - قالوا له: وما تريد؟ قال: ارهنوني نساءكم.
فقالوا له: أنت أجمل العرب، وقلما جاءتك امرأة إلا فتنت بك؛ فاغتر في نفسه، فقال: إذاً ارهنوني أولادكم.
قالوا: معاذ الله أن يسب أولادنا يوماً أنهم رهنوا بوسق من شعير! ولكن نرهنك اللأمة -اللأمة هي الدرع والسيف، وإنما قالوا: نرهنك اللأمة حتى إذا أتوا بالسلاح لا يشعر بريبة، وأنهم جاءوا ليقتلوه- قال: نعم.
فحددوا موعداً، فلما أرادوا -لأنهم اصطحبوا اثنين آخرين- أن يذهبوا إلى كعب بن الأشرف صحبهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: الله معكم.
فذهبوا إليه وناداه أبو نائلة: انزل يا كعب.
فقالت امرأته: إلي أين يا كعب في هذه الساعة؟ قال: إنه أخي أبو نائلة، أخي من الرضاعة، وإن الكريم إذا دعي إلى طعان بليل أجاب، كيف لا أنزل؟! قالت: لا تنزل، فإني أشم رائحة الدم.
فقال: هذا أخي أبو نائلة، ونزل، وكان قد تطيب، وكان ريحه يسبقه، فقال محمد بن مسلمة: ذروني أقول له: دعني أشم رأسك، فإذا استمكنت من ذؤابتيه ورأسه فدونكم فاقتلوه.
فلما جاء كعب قال له محمد بن مسلمة: ما رأيت كاليوم ريحاً! هلا تأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم، فأعطاه رأسه، فاستمكن منه وقال: دونكم فاقتلوه، فسمعوا قعقة السيوف على عظمه، وانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآهم قال: أفلحت الوجوه! قالوا: ووجهك يا رسول الله!).
هذا عدوا الله ورسوله لا قيمة له: نعادي الذي عادى من الناس كلهم بحق ولو كان الحبيب المواتيا