نحن في زمان نمر بأحداث جسام، وأزمتنا أزمة رجال، نريد أن نستعلي بهذا الإيمان، فهو الذي يغلب، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:55 - 56].
هذا هو سلاحنا الوحيد، وعندما قال الدعاة إلى الله عز وجل: إن السلام الذي عقد مع اليهود ليس سلاماً، بل هو استسلام؛ رموهم بالرجعية والتخلف، وهجم عليهم العلمانيون، الذين يريدون ربط الناس بالتراب وليس بالله عز وجل، حيث يقول قائلهم: وطني لو صوروه لي وثناً هممت ألثم ذلك الوثنا ويقول الآخر: سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم ويقول الآخر: ويا وطني لقيتك بعد يأس كأني قد لقيت بك الشبابا أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا هكذا يريدون أن يربطوا الناس بالتراب، ومن رُبط بالتراب دِيس بالأقدام، وهذه هي طبيعة التراب، فهؤلاء ليس عندهم نخوة العربي الجاهلي، الذي رأى أن اعتداء المعتدي عليه عدة مرات إذعان وإهانة، ليس عندهم نخوة هذا العربي الذي قال -ونعم ما قال! -: صَفحْنا عَنْ بَنِي ذُهْلٍ وَقُلْنا الْقَوْمُ إخْوَانُ عَسَى الأَيَّامُ أنْ يَرْجعْنَ قَوْمًا كَالَّذِي كَانُوا فلَمَّا صَرَّحَ الشَّر فَأَمْسَى وَهْوَ عُرْيانُ َولَمْ يَبَقَ سِوَى العُدْوَانِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا مَشَيْنا مِشْيَةَ اللَّيْثِ غَدَا واللَّيْثُ غَضْبَانُ بضَرْبٍ فيه تَفْجِيعٌ وتأْيِيمٌ وإرْنانُ وطَعْنٍ كفَمِ الزِّقِّ غَذَا والزِّقُّ ملآنُ ثم قال -ونعم ما قال! -: وبعضُ الحلمْ عِنْدَ الجهْلِ للذلّةِ إذْعانُ وفي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِينَ لا يُنْجِيك إحسانُ بعض الحلم عند الجهل للذلة إذعان، يعتدي عليك فتسامحه، ثم يعتدي مرة ثانية وتسامحه، ثم ثالثة ورابعة وتسامحه لا، هذا ليس حلماً، هذا إذعان.
فبعض الحلم -إذا جهل الجاهلون عليك، ولم يراعوا معك اتفاقاً- إذعان، فإذا أحسنت إلى أحدهم مرة وثانية وثالثة ولم تجد لإحسانك موضعاً -إذ الذي أحسنت إليه لئيم- حينئذ لا يبقى إلا الأخيرة.
وفي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِينَ لا يُنْجِيك إحسانُ ما بقي إلا هذا، فنحن مقدمون على مرحلة خطيرة، والعلمانيون فعلوا في هذه الأمة ما لم يفعله اليهود ولا النصارى، ولهم وسائل كثيرة متعددة.
فتسجيداً للانتماء وعملاً بعقيدة الولاء والبراء أول ما ينبغي أن نفعله، مقاطعة السلع اليهودية، وإن كنا نعرف أن اليهود يستطيعون كتابة (صنع في أي بلد)؛ مثل الأخطبوط، فيرسل لك البضاعة عبر أي دولة تريدها أنت.
حذيفة بن اليمان لما خرج مهاجراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمسكه المشركون وأباه قالوا: إلى أين؟ فأجابا: إلى المدينة.
فقالوا: تذهبون وتحاربوننا أبداً! أنتم أسرى عندنا.
فقال حذيفة: لكم علينا أن لا نحاربكم فتركوهما، فذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقصا عليه ما حدث، فماذا قال لهم النبي الكريم النبيل؟ قال: (وفوا لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم)، فلم يشهد حذيفة بن اليمان ولا والده غزوة بدر، ليس لأنه لم يكن حاضراً؛ بل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وفوا لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم).
وفي الصحيح أيضاً: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد في الحرب امرأة مقتولة، فغضب، وقال: من قتل هذه؟ قالوا: يا رسول الله! إنها خرجت معهم.
قال: سبحان الله ما كانت هذه تقاتل، ثم نهى عن قتل النساء والذرية).
في الحرب أعداؤك لا ينظرون بهذا المنظار، أعداؤك ليس هناك قانون يحكمهم، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة، يريد أن يصل فليفعل ما شاء، وجاراهم المسلمون بالذات في باب الجاسوسية، فالجاسوس يزني، ويشرب الخمر، ويدفعون له المال، ويقولون له: ازن على حسابنا، واشرب خمر على حسابنا، واعمل كل الفجور على حسابنا، وهات عنهم المعلومات أهذا يرضي الله؟! جاريناهم، والغاية عندنا لا تبرر الوسيلة، فنحن قوم نبلاء، ونحن محكومون حتى مع أعدائنا فكل شيء حرمه الله عز وجل لا يحل لنا حتى مع أعدائنا: (وفوا لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم)، إذاً هو عدتنا وهو ملجأنا وهو ناصرنا، ولذلك نقول دائماً: لا حول ولا قوة إلا بالله، {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران:160] هذا هو القانون.
ولذلك لا نسير سيرتهم على الإطلاق، محرم علينا ذلك، فالنبي ينهى عن قتل النساء والذرية ويقول: (سبحان الله! ما كانت هذه تقاتل) إذاً خطاب النبي صلى الله عليه وسلم يرشدنا إلى قتل النساء المجندات في الجيش؛ لأنه إنما ربط الإنكار لعلة أنها لا تقاتل، وإذا ثبت أن المرأة تقاتل جاز قتلها، مثلها مثل الرجل تماماً، (ما كانت هذه تقاتل) معنى ذلك أنها لو كانت تقاتل إذاً تستحق القتل، فكل امرأة ثبت أنها مجندة في جيش العدو تقتل مثل الرجل تماماً، بنص هذا الحديث.