لما رأى إبراهيم عليه السلام ذلك -بحث سارة عن هاجر - أخذ إسماعيل وأمه هاجر ورحل من الشام إلى مكة، فجاء بها فوضعها في هذا المكان -مكة- في وادٍ غير ذي زرع، فلما وضعها وابنها وترك معها جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء، ولى راجعاً ولم يكلمها كلمة، فتركها ومضى: فنادت عليه: يا إبراهيم! يا إبراهيم! فلم يجبها، فانطلقت وراءه حتى وصلت إلى ثنية في مكة وهي تنادي: يا إبراهيم! يا إبراهيم! إلى من تتركنا، فوقف ولم يرد عليها، قالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم.
قالت: إذاً: لا يضيعنا، ثم قفلت راجعة.
ونستفيد من هذا
صلى الله عليه وسلم أن صدق الرجل في بيته من أهم أسباب إقناع المرأة بأخطر القرارات التي يتخذها الرجل في حياته وتجد أن الرجل الكذوب الذي يكذب وتكتشف امرأته أنه يكذب فيفعل الفعل ولا يجرؤ على أن يصرح به، تضعف هيبته ويقل رأس ماله عند امرأته بخلاف الصدق كما يبدو واضحاً جلياً في جواب إبراهيم على سؤال هاجر وردة فعلها كما جاء في بعض الروايات: (آلله أمرك بهذا؟ فأومأ برأسه أن نعم، قالت: إذاً: لا يضيعنا) أي: وثقت فيه، فإذا قال: الله أمرني بهذا لا تراجعه، ولا تكذبه، ولا تمتري في صدقه، فرأس مال الرجل: أن يكون صادقاً.
إن الآباء لهم في حياة أبنائهم عمق وتأثير وللرجل في حياة المرأة عمق وتأثير، لاسيما إذا تزوجها بكراً، وكان أول رجل في حياتها؛ فإنه يؤثر جداً في تنشئتها وتربيتها؛ ولهذه العلة حث الرسول عليه الصلاة والسلام على الزواج بالأبكار.