معاشر الصائمين: لغضِّ البصر فوائدُ عظيمةٌ، لو استحضرها العاقل لقادته إلى غض البصر، ولمنعته من الاسترسال فيه، ومن تلك الفوائد ما يلي:
الفائدة الأولى: تخليص القلب من ألم الحسرة.
الفائدة الثانية: أنه يورثُ القلبَ نورًا وإشراقًا، يَظْهرُ في العين، وفي الوجه، وفي الجوارح.
الفائدة الثالثة: أن غضَّ البصر يورثُ صحةَ الفِرَاسَة؛ فإنها من النور، وثمراته، وإذا استنار القلبُ صحَّت الفِراسةُ؛ لأنه يصير بمنزلة المرآةِ المجلوَّةِ تظهر فيها المعلوماتُ كما هي، والنظرُ بمنزلة التنفُّس فيها؛ فإذا أطلق العبد نظره تنفَّست نفسُه الصُّعَداءُ في مرآة قلبه، فطمست نورها كما قيل:
مرآةُ قلبِكَ لا تُريكَ صلاحَهُ ... والنَّفسُ فيها دائمًا تتنفسُ
والله - عز وجل - يجازي العبدَ على عمله بما هو من جنسه، فمن غضَّ بصرَه عن المحارم عوَّضه الله إطلاقَ بصيرتِه؛ فلما حبس بصرَه لله أطلق اللهُ نور بصيرتِه، ومن أطلق بصره في المحارم حبس الله عنه بصيرتَه.