فإنه أغضُّ للبصر (2)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد كان الحديث بالأمس يدور حول أثرِ الصيام في غضِّ البصر، وذلك انطلاقًا من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» .
وقد جاء في الحديث الماضي ذكرٌ لأضرار إطلاق البصر، والحديث هاهنا إكمال لما مضى، وبيان لفوائد غضّ البصر.
معاشرَ الصائمين قد يقول بعض الناس: إذا نظرتُ نظرةً، فاشتدَّ تعلقي بمن نظرتُ إليه؛ فهل لي أن أكررَ النظرَ، لعلي أراه دون ما في نفسي، فَأَسْلوَ عنه؟
والجواب: أن ذلك من تلبيس الشيطان، ولا يجوز فعلُه لأوجهٍ عديدةٍ ذكرها ابن الجوزي، وابن القيم - رحمهما الله - ومن تلك الأوجه ما يلي:
أولًا: أن الله - سبحانه - أمر بغضِّ البصر، ولم يجعلْ شفاءَ القلبِ فيما حرَّمه على العبد.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن نظر الفجأة، وقد علم أنَّه قد يؤثر في القلب، فأمر بمداواته بصرف البصر، لا بتكرار النظر.