الدرس السابع عشر:
من صفات الراسخين في العلم
- قال تعالى: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}.
- قال الشيخ السعدي: أي: الذين ثبت العلم في قلوبهم ورسخ الإيقان في أفئدتهم فأثمر لهم الإيمان التام العام {بِمَا أُنزلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزلَ مِن قَبْلِكَ}.
- وأثمر لهم الأعمال الصالحة من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة اللذين هما أفضل الأعمال، وقد اشتملتا على الإخلاص للمعبود والإحسان إلى العبيد. وآمنوا باليوم الآخر فخافوا الوعيد ورجوا الوعد.
- قال نافع بن يزيد: يقال: الرَّاسخونَ في العلم: المتواضعون لله، والمتذلِّلون لله في مرضاته لا يتعاطون من فوقهم، ولا يحقرون من دونهم.
- قيل للإمام أحمد: مَنْ نسألُ بعدَك؟ قال: عبد الوهَّاب الورَّاق، قيل له: إنَّه ليس له اتَّساعٌ في العلم، قال: إنَّه رجل صالح مثلُه يُوفَّقُ لإصابة الحق.
- وسئل عن معروف الكرخي، فقال: كان معه أصلُ العلم: خشية الله.
- قال بعض السلف: كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار بالله جهلاً.
- قال ابن رجب: العلم قسمان:
- أحدهما: ما كان ثمرتُه في قلبِ الإنسان، وهو العلمُ بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله المقتضي لخشيتِهِ، ومهابتِه، وإجلالِه، والخضوع له، ولمحبَّتِه، ورجائهِ، ودعائه، والتوكُّل عليه، ونحو ذلك، فهذا هو العلمُ النافع.
- كما قال ابنُ مسعود: إنَّ أقواماً يقرءون القرآن لا يُجاوُزِ تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب، فرسخ فيه، نفع.
- وقال الحسنُ: العلم علمان: علمٌ على اللسان، فذاك حُجَّة الله على ابن آدم، وعلم في القلب، فذاك العلم النافع.
- والقسم الثاني: العلمُ الذي على اللِّسَانِ، وهو حجَّةُ الله كما في الحديث: (القرآن حجة لك أو عليك).
- فأوَّلُ ما يُرفعُ مِنَ العلم: العلمُ النَّافع، وهو العلم الباطنُ الذي يُخالِطُ القلوبَ ويُصلحها.