حينما وصل صلى الله عليه وسلم إلى قباء لم تنته الهجرة بعد؛ لأن قباء ليست هي المقر النهائي، وإنما نزل فيها مؤقتاً، وانظروا إلى أول عمل عمله النبي صلى الله عليه وسلم إنه بناء المسجد.
ومما يذكرون في قصته: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يركب الناقة، فقام رجل، فقال: اسمك؟ قال: اسمي كذا، قال: اجلس، حتى جاء اسم يرتضيه وركب وقال: أرخ لها زمامها، وقامت وخطت على مربع، وقال: خطوا على آثارها وأقيموا بناء المسجد).
وكانت القبلة أول قدوم النبي المدينة إلى بيت المقدس، ثم بعد ذلك تحولت، وأراه جبريل الكعبة وهو يضع قبلة هذا المسجد النبوي الشريف.
في قباء بُني المسجد، فكانت عناية النبي صلى الله عليه وسلم بادئ ذي بدء بالمسجد.
لماذا؟ لأن المسجد هو بيت الأمة ومحل اجتماع المسلمين، ومكان تشاورهم، وغير ذلك من الأمور التي سنؤجلها حتى يأتي الحديث عن المسجد النبوي إن شاء الله.
ثم أخذ في طريقه -بعد أن وضع مسجد قباء- إلى المدينة أو يثرب، وهو اسمها الأول.
ثم وهو في قباء سأل عن أبي أمامة قالوا: إنه في قومه، وكان بينه وبين بني عوف ما بين القبائل، ولا يستطيع أن يأتي وحده، فإذا به في الليل يدخل عليه أبو أمامة، قال: (كيف خلصت وحدك في الليل وأنت حرب لهؤلاء القوم؟ قال: ما كان لي أن أسمع بقدوم رسول الله وأتأخر عنه فقال لبني عوف: أجيروا أبا أمامة) أي: اجعلوه في جواركم حتى يستطيع أن يذهب ويأتي، قالوا: أجره أنت يا رسول الله! انظروا يا إخوان! إنما يجير من القوم واحد منهم، فإذا بهم يضعون حقهم في الجوار لرسول الله وكأنه المسئول عنهم، قالوا: أنت تجير علينا، أي: ما دمت قد وصلتَ فليس لنا كلمة، وأنت الذي تتحكم في أنفسنا وأموالنا وأرواحنا.
فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أول خطوة يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الالتحام من أهل المدينة.