السمة الثانية: القوة، تتميز هذه الصحوة بالقوة، قوة العودة إلى الإسلام، قوة الثقة بالله سبحانه وتعالى، قوة الثقة بالنفس، قوة الثقة بالإسلام، قوة الإرادة والعزم والعزيمة، والخروج من حال الذل والهوان والشعور بالضعف والنقص الذي كانت عليه الأمة، فنجد أن من أبرز سمات هذه الصحوة: القوة والاعتزاز بالدين، الاعتزاز بالسنة، الاعتزاز بالحق.
وهذه ظاهرة سليمة وصحية، وإن اعتراها أحياناً شيء من الشدة والعنف، لكن هذا أمر لا بد منه، إنما ينبغي أن نعالجه بالحكمة وبالوسائل المتاحة، وإلا فالقوة لا بد أن يكون فيها نوع من الخروج عن الاعتدال، لاسيما وأن هذه القوة صاحبها تحد للإسلام من قبل الأوضاع السائدة في العالم كله، تحد يستفز غيرة كل مسلم، فلذلك لا نستبعد وجود بعض العنف والشذوذ في الحكم على الآخرين والشدة ونحو ذلك مما هو ردة فعل ضد الانحراف السائد في العالم.
والمسئول عن وجود تشدد بعض الشباب هي العلمنة المتسلطة التي تفرض على الناس الرذيلة وتحارب الفضيلة، والتي تفرض على الناس الضلالة والانحراف وتحارب الاستقامة، فإن العلمنة الموجودة وهي الانحراف المبيت المدروس المخطط له هو المسئول عن وجود بعض مظاهر التشدد والعنف عند طائفة قليلة من الشباب.
وما دام هذا التيار العنيف في العالم الإسلامي في محاربة الإسلام ورفض الدين، بل وتحديه ومقاومته، ما دام هذا التيار موجوداً فلنعلم قطعاً أنه لا بد أن يوجد تيار مقابل وهو التيار المتشدد العنيف، وإن كان الاعتدال هو المطلوب الوسط، لكن مع ذلك أقول وأكرر: إن المسئول عن وجود ظاهرة العنف عند بعض من يسمونهم بالأصوليين -إن صح التعبير وهذه تسمية باطلة- أو ما يسمونهم بالمتطرفين، هذا المسئول عن العنف هي الأنظمة السائدة الموجودة في العالم الإسلامي.
وكلنا يدرك، بل كل عاقل يدرك ذلك، لكن مع ذلك من سمات الصحوة: القوة المعتدلة في العموم، لكن خصوم الإسلام لا يمكن أن يعترفوا بوجود الاعتدال في هذه الصحوة، إنما يهمهم أن يلتقطوا الزلات والمواقف التي يحسبونها على الإسلام والمسلمين.
فالعلمانيون ومن نحا نحوهم دائماً يضربون على هذا الوتر الخطير، وتر وجود ظاهرة العنف والتشدد عند بعض الشباب، ويسمون جميع الصحوة بهذه السمة، ولا نفترض من هؤلاء أن يكون عندهم شيء من العدل أو من الاعتدال في الحكم، ولا من الاعتدال في الموقف، لأنهم ضلوا أولاً في تصوراتهم، فكذلك سيضلون في أحكامهم على الآخرين.
ومع ذلك لابد أن نعترف أنه قد توجد بعض مظاهر التشدد عند طائفة قليلة من الشباب وقليلة جداً، ويجب أن نتحمل هذا الأمر؛ لأنه أمر بدهي لا يمكن أن نلغيه، وهو تصرف من تصرفات البشر الناقص، وهو أيضاً استجابة لاستفزازات الانحراف والضلال المؤسس في العالم الإسلامي.