إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وبعد: فإن الحديث عن الصحوة من الأمور الشيقة لكل مسلم، وكل من يهمه أمر الإسلام والمسلمين، والصحوة بالنسبة للمسلم أصبحت حقيقة واضحة جلية، ولذلك أرى أنه من الواجب على أهل العلم وطلابه، بل على كل مسلم أن يعنى بأمر الصحوة، وإن كنا نحتاج إلى تحديد لمعنى الصحوة بمفهومها الشرعي وبمفهومها عند الناس، لكنا مع ذلك نتفق على أن هناك شيئاً اسمه الصحوة، وهو أمر واقع لا بد أن نتعامل معه وأن يتعامل معه الآخرون، لذلك من المناسب أن أُعرف بالصحوة وبأهم سماتها، ثم أعرج على موضوع المحاضرة الأصلي: وهو التوجيهات.
فالصحوة: هي عودة المسلمين للإسلام بمفهومها العالمي العام، والصحوة بمفهومها الحقيقي الشرعي: هي قدر الله الذي لا يرد، وهي: وعد الله الذي لا يتخلف، وهي: سنة الله في خلقه، وهي: سنته الشرعية وسنته الكونية، وذلك أن الله سبحانه وتعالى وعد المؤمنين بالنصر، ووعد بظهور الإسلام وبقائه، ووعد بظهور طائفة من الأمة، تبقى على الحق ويبقى الحق بها بيناً للناس، وتقوم بها الحجة عليهم، ووعد الله سبحانه وتعالى بقوة الأمة بعد ضعفها، وبالصحوة بعد الغربة.
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته).
فالصحوة أيضاً هي الخروج من حال الغربة التي يعيشها المسلمون، بل يعيشها الإسلام كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ) والخروج من حالة الغربة إلى محاولة تسلم القيادة قيادة البشرية.
كما أن الصحوة أيضاً في مظهرها العام ستخلص المارد الكبير والعظيم وهو الإسلام والمسلمين، العالم الإسلامي هذا العالم الضخم من الأغلال والقيود، من أغلال الانحراف والبدعة والضلالة والمحدثات في الدين والفرق والافتراق، ومن قيود الاحتلال والاستعمار والتنصير، وقيود الغزو الفكري، وقيود التسلط: تسلط الباطل على الحق وأهله، وتسلط الكفار على بلاد المسلمين وعلى أحوالهم وعلى رقابهم أيضاً.
إذاً: فالصحوة هي عودة المسلمين إلى الإسلام، وهي عودة عامة عارمة قوية، وهي ليست مجرد ظاهرة، وليست مجرد سمة لبلد أو مكان أو شعب من الشعوب، بل أصبحت حقيقة عالمية يحسب لها الناس ألف حساب.