من المسلمات: أن الدين ما شرعه الله وشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم.
من المسلمات: أن الله قد أكمل الدين، وهذا الكمال باق إلى قيام الساعة، منذ أن أنزل الله قوله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3]، والدين قد اكتمل بجزئياته وكلياته، ولا يجوز لأحد بعد ذلك أن يحدث شيئاً زاعماً أنه من الدين، لا بزيادة ولا نقص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ر).
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
وقال صلى الله عليه وسلم: (كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة).
وهذه المسلمات يندرج بعضها تحت بعض، ولا يمكن أن تتخلف واحدة، وهي متعلقة بمصادر الدين.
قد يقول قائل: أليس باب الاجتهاد باق إلى قيام الساعة؟ نقول: نعم، الاجتهاد باق، لكن لا يمكن أن يصح حكم مبني على الاجتهاد إلا وله دليل من الكتاب والسنة، أو مبني على قاعدة استمدت من الكتاب والسنة، وهذه مسلمة لا بد منها، وإلا نكون قد فتحنا باب الأهواء في الدين، وانتقض اعتقادنا بأن الله أكمل الدين، وانتقض اعتقادنا بأن الله ختم النبوة، وانتقض اعتقادنا بأن الوحي قد انقطع، كذلك لو قلنا: إن الناس قد يحتاجون إلى جزئية واحدة من الدين لم يشرعها الله ولا رسوله، أو لا يوجد لها دليل وتحتاج إلى وحي، فهذا لا يمكن أبداً، أما الاجتهاد فلا شك أنه باق، ولا تستقيم الأمور إلا به، سواء مما هو حادث أو مما سيحدث من النوازل والقضايا التي تحتاجها هذه الأمة، سواء في العبادات أو الأمور الأخرى التي تتعلق بمصالح الأمة، كل ذلك لا بد فيه من اجتهاد، في المستجدات وغير المستجدات، لكن يبقى الاجتهاد على أصوله وضوابطه الشرعية؛ لأن الاجتهاد لا يمكن أن يكون إلا من النصوص الشرعية، أو القواعد المستمدة من النصوص.
من المسلمات: أن مبنى الدين في قلب مسلم والجماعة والأمة لا يصح إلا بالتسليم لله عز وجل، والتسليم لرسوله صلى الله عليه وسلم، ومعنى التسليم: التصديق والإذعان والخضوع والرضا بحكم الله عز وجل، ثم ما يتبع ذلك من خضوع القلب والجوارح والاعتقاد والعمل.
ثم ينبني على التسليم الدخول في الدين، بمعنى أن المسلم إذا سلم بمقتضى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فلا بد أن يكون خاضعاً لدين الله عز وجل، وخاضعاً لكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.