Q ما هي الطريقة العملية لحفظ الشباب من هذه الفتن والغزو المركز على شباب الأمة؟
صلى الله عليه وسلم هذا سؤال جاد، وهذه مسألة يجب أن يتوافر لها علاج؛ الغلو عند الشباب الغلاة يعالج كما يعالج التفريط عند الشباب المفرطين، فنحن نعيش مصائب يجب ألا نتساهل بها دون الأخرى، لكن بعضها يحتاج إلى العلاج العاجل؛ لأن ضررها مدمر يهلك الحرث والنسل، ولذلك أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بقتال الخوارج، وهل حل حاسم لابد منه، وعاجل تتظافر عليه الجهود، وأيضاً في الوقت نفسه لا ننسى علاج المشاكل الأخرى، لكي نعدل وننصف، وأيضاً لكي نستقيم على المنهج الوسط، وبذلك ننتصر.
فالعلاج ينبغي أن تتظافر له جهود العلماء، والدولة خاصة، والمؤسسات التربوية وجهود العلماء والإعلام الذي بقي فيه بقية خير؛ لأن أغلب الإعلام -مع الأسف- على مستوى العالم ومستوى العالم الإسلامي لا يخدم دين المسلم، بل هو سبب من أسببا الفرقة والشتات ومغذ للغلو، فمثل هذا الوقت لابد نقول بصراحة: الإعلام تولى كبره ودخل منه المنافقون وصاروا يتدخلون بالدين والعقيدة، ويستهترون بالمتدينين والعلماء، فصاروا سبباً للشحن غير المرشد.
فلا بد أن تتوافر جهود الإعلاميين الأخيار مع العلماء مع الدعاة مع الصالحين مع الآباء وما أدراكم ما الآباء؟ وأنا من خلال مناقشتي ومن خلال مخالطتي لكثير من الغلاة بحكم التخصص كثير منهم يأتون ويناقشون وبعضهم يأتي مستنصحاً ولا أزال -ولله الحمد- أرى وأسمع وتأتيني أوراق ويقابلني شباب مستنصحين من أصحاب الغلو، وإن شاء الله تنفع فيهم النصيحة.
فأقول: الآباء مقصرون، فابنك وإن ذهب مع المتدينين يجب أن تعرف من هم؟ وهذه الكلمة أقولها ما كنت أجرأ أقولها قبل خمس سنوات؛ خوفاً من أن يشك الآباء في المتدينين، فالمتدينون -بحمد الله- في هذه البلاد من الشباب هم أغلبية وهم أهل رشد، نشهد شهادة أن أغلبهم أهل رشد، وخاصة في التحفيظ وفي الحلقات المعلنة وفي المدارس الرسمية وفي المراكز الصيفية وغيرها، فالحقيقة جميع من يعيشون تحت المظلات الرسمية أو المؤسسات الظاهرة في المساجد وغيرها هم على رشد ولله الحمد، وهم أغلبية، لكن معظم النار من مستصغر الشرر، فلا نستهين بوجود فئة قليلة تندس ويأتون ليخطفوا الشباب من المساجد ويخطفوهم من البيوت ويخطفوهم من مجالس الأسر ومجالس العائلات، ولذلك بعض العائلات تساهلوا أو وجد عندهم نوع مما نسميه الاندفاع العاطفي بدون اهتمام بالشباب المراهقين والصغار، وبعض الناس الكبار إذا جلس مجلساً بدأ يتكلم كلاماً بدون ميزان، والصغير يسمع ويشحن يسمع ويشحن يسمع ويشحن، والكبير عنده عقل وعنده حكمة وأكثر ما يقوله قد لا يؤمن به، لكن يطلق لسانه في سب المشايخ وفي سب الدولة وفي التحريض، فهذا أصيب من حيث لا يدري ففوجئ أن ولده ذهب مع الغلاة؛ لأنه تسبب في شحنه، وهذا قليل ولله الحمد، لكنه يوجد، وأنا أعرف قصة قريبة من هذا: في مجلس من المجالس واحد من هؤلاء الشباب المتوترين هداهم الله قال عن أحد المشايخ الكبار: إنه مرتد، وأبوه وجده موجودين في المجلس ما استطاعوا يقولون له شيئاً؛ لأن البيئة كلها مشحونة الكبار والصغار، فلما خرج منهم هذا الذي يكفر العلماء ما استطاعوا يردونه ولا يقفون في وجهه يخافون عليه من أكبر، يخافون أن يفجر نفسه وهو عندهم، فالأمر خطير.
فالآباء مقصرون ويكلون الأمر إلى غيرهم.
ثم في الدرجة الثانية المعلمون وما أدراك ما المعلمون؟ أبناء المسلمين في هذا البلد وغيره يجلسون أمام المعلمين ساعات طوال في وقت هيأت لهم الدولة المدرسة والمقاعد والنظام الذي يسخر ذلك الطالب الشرس الشقي أن يجلس وديعاً أمام المعلم، وهذه نعمة، ولكن أين توجيه المعلم؟ أنا أشكر لكثير من المعلمين اهتمامهم لكن أيضاً أعتب على كثير منهم أنهم لم يؤدوا الواجب بالقدر الكافي، وهذا دورهم؛ فالآن التلميذ الصغير يأخذ الابتدائي والمتوسط والثانوي ويأخذ من المعلم أكثر مما يأخذ من أبيه.
وأنا واجهت بعض الأشياء من أبنائي في الابتدائي أقول له: يا ابني! هذا غلط، فيقول: لا، أستاذي قال لنا كذا، فأقول: يا ابني! هذا كذا يمكن أنك ما فهمت كلام الأستاذ، يمكن أنه قصد غير هذا، وأقول له: هذا غلط، غلط بين مثل الشمس، فيقول: يا أبي! هذا الذي قال لي الأستاذ، فيسلم بما قال له الأستاذ وأنا كأن كلامي ما له قيمة.
إذاً: أنا أحمل المعلم شيئاً من هذه المسئولية.