هناك أحكام عامة في الرقية أسردها سريعاً: أولاً: لا شك أن الرقية لها أصل شرعي، وهي سبب بإذن الله من الأسباب الكبرى، بل هي أعظم سبب للشفاء بإذن الله.
ثانياً: أن الرقية تكون بكل الأدعية المشروعة التي لا تتنافى مع الشرع، وأصل الرقية الفاتحة، ثم آيات معينة وسور معينة ورد فيها فضل، وأنها سبب لدفع الشر، مثل: آية الكرسي ومثل: المعوذتين، ومع ذلك القرآن كله شفاء، لكن مع قراءة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذتين من المناسب لمن يرقي نفسه أو يرقي غيره أن يقرأ الآيات التي تتناسب مع المرض، إذا كان يظهر أن المرض سحر وظهرت يظهر علامات وقرائن لا مانع أن يقرأ آيات السحر.
وإذا كان يظهر أن المرض عين يقرأ الآيات التي تتعلق بالحسد وهكذا، بل إن هذا ربما يكون من أسباب قوة تأثير الرقية بإذن الله، لكن أن يدعي أحد أنه لا بد أن تلتزم آيات معينة هذا غير صحيح، ليس بلازم لكنه الأفضل، الأفضل لزوم الآيات المناسبة إذا كان القارئ يفقه هذه الأمور.
ثالثاً: أن الرقية تحصين للإنسان الذي لم يكن عنده مرض، أو عنده مبادئ مرض، أو يخشى أن يكون عنده مرض في أعراض ليست مؤكدة، فلا مانع أن تكون الرقية للتحصين، وكذلك للاستشفاء.
رابعاً: من الأشياء المشروعة التي لا بأس بها أن يمسح الراقي، سواء كان يرقي نفسه أو يرقي غيره أن يمسح على موضع الألم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، كما ورد في البخاري ومسلم وغيرهما.
خامساً: لا مانع من النفث، بل النفث مشروع، لكن إذا لم ينفث فإن الرقية بإذن الله تنفع، ليس النفث شرط.
والنفث: هو أن ينفخ على موضع المرض إذا ما كان يؤذي المرقي، إذا كان مثلاً المرض في وجه الإنسان لا يليق أن تنفث في وجهه، لكن تنفث حول الوجه، وأن تنفث في الماء، تنفث في شيء سائل ثم يشربه، أو يغسل به المريض، كل هذا مشروع وورد فيه أدلة.
سادساً: لا مانع من تشخيص المرض بالعلامات الظاهرة من غير جزم، عند من له خبرة من الرقاة، لكن بشرط ألا يجزم.
فكثير من الرقاة مع كثرة الرقية يعرف مظاهر لأمراض معينة، قد يفرق بين مظاهر السحر ومظاهر العين بالتجربة، لكن بعض أنواع التجربة تكون من عبث الشياطين والجن، بل اليوم أدعي أن أكثر تجارب الرقاة الذين تجاوزوا المشروع، أكثرها من عبث الشياطين والجن وهم لا يشعرون، لكن مع ذلك أيضاً لا نسد الباب، إذا كانت العلامة ظاهرة تدل عليها قرائن كثيرة بالتجربة فإنه لا مانع أن يغلب الراقي الظن ولا يجزم، المشكلة أن يجزم بأن هذا عين أو سحر أو نحو ذلك.
سابعاً: يجوز أخذ الأجرة على الرقية، لكن لا تنبغي المشارطة؛ لأنها تعلق قلب الراقي وعلاقته بالمريض بالمشارطة والمال والحقوق المتبادلة، نعم ما ورد في قصة اللديغ حيث شارطهم الصحابي على أن يدفعوا له مكافأة وهي كما تعرفون، لكن هذه لم يعمل بها أحد من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ولا عملها السلف الصالح، فهذه خصوصية؛ لأن هذا الصحابي الذي اشترط هو وأصحابه؛ لأنهم محتاجون ضرورة للأكل، ولأنهم استضافوا هذه القبيلة ولم يضيفوهم، فكانوا بحاجة ماسة إلى الطعام، فهذا الصحابي اشترط ليسد حاجة إخوانه ما هو شرط شخصي، أما الشرط الشخصي فلا ينبغي، وأرى أنه يؤثر في أثر الرقية، وفي تقديري أنه لا يجوز، وهو رأي كثير من أهل العلم، بل رأي جمهور العلماء أنه لا يجوز المشارطة.