كذلك ليست العقيدة ردود أفعال؛ لأن كثيراً من شبابنا والمثقفين الذين دخلتهم الشبهات يتصورون أن بعض قضايا العقيدة كانت نتيجة ردود أفعال، ويستدلون على ذلك أن هناك أشياء أثبتها السلف من العقيدة وليست موجودة في عهد الصحابة، نقول: هذا جهل فهي موجودة، لكن التنويه عنها ما جاء مبرره، فمثلاً: في عهد الصحابة رضي الله عنهم هل كان هناك مبرر لتسمية طائفة من الناس أهل السنة والجماعة؟ لماذا لم يكن هناك مبرر؟ لأن الناس جمهورهم وجملتهم على السنة، وخلفاؤهم على السنة، وعلماؤهم على السنة، لكن حينما كثرت الأهواء والافتراق والبدع صار تمييز أهل الحق بالسنة والجماعة، بموجب وصية النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر ضروري، وهكذا بقية أصول الدين، فمثلاً: الكلام في قضية أن القرآن منزّل غير مخلوق، هذا تقتضيه النصوص، لكن التنويه عنه بهذا المصطلح لم يكن له مبرر حتى جاء أفراخ الفلاسفة وزعموا أن القرآن مخلوق، فلما زعموا ذلك فالأصول والثوابت موجودة من قبل عند أهل السنة، فأثبتوها عند الحاجة إليها، فهي موجودة ضمن النصوص القطعية؛ ولذلك الدليل على أن القرآن منزل غير مخلوق دليل قطعي من الكتاب والسنة، وليس هذا ردود أفعال.
وهكذا بقية مسائل الدين التي تكلم عنها السلف على مدار التاريخ، كلما جدد الناس بدعة ومحدثة جاء السلف من أصول الدين ما ينفي هذه البدعة ويثبت السنة، وقد يضطرون إلى استعمال مصطلحات حقيقية شرعية صحيحة بمناسبة هذا الطارئ.