Q أرجو توضيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)؟ ومن المقصود بهذا الحديث: المنافقون أم غيرهم؟
صلى الله عليه وسلم المنافقون النفاق الكلي لا يعلمهم إلا الله، وأما خصلة من النفاق فهذه ليست مخرجة من الملة، هي من المعاصي، من أشد المعاصي خصال النفاق، ومن كبائر الذنوب، لكن المنافق الخالص لا يعلمه إلا الله عز وجل.
أما ما يتعلق بالفقرة الأولى من السؤال -وهي معنى الحديث- فالحديث عام فيه ما نعلمه وفيه ما لا نعلمه، فكون الإنسان يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، هذا فيه أمر غيبي وفيه أمر ظاهر، والغيبي لا نتناوله لا بالتخرص ولا بغيره؛ لأنه قول على الله بغير علم، وهو غيب، والغيب لا يعلمه إلا الله، لكن الجانب الظاهر هو أن المسلم على خطر، والنبي صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم الذي ضمنت له الجنة، وهو أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، صاحب المقام المحمود يقول صلى الله عليه وسلم: (يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك)، فأي مسلم مهما كان فيه من الإيمان، مهما كان فيه من التدين والورع يجب أن يخشى على نفسه من خاتمة السوء؛ فإن الله عز وجل قدر في الغيب مقادير العباد التي لا نعلمها؛ فعليه أن يبذل أسباب الهداية وأسباب الاستقامة.
إذاًَ: قد يعمل الإنسان بعمل أهل الجنة، بمعنى: أنه يكون صالحاً تقياً عاملاً بأعمال الإسلام، ثم في لحظة من اللحظات يقع في ردة، إما كلمة كفر، أو عمل كفر قلبي أو ظاهر، ثم يموت قبل أن يتوب؛ فيكون سبق عليه الكتاب.
أو يكون والله أعلم ممن في قلبه دخيلة لا يعلمها إلا الله، فيعمل بعمل أهل الجنة فيما يظهر للناس، وهذا قد يكون هو المنافق، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار.
لكن الظاهر أن الحديث أشمل من هذا، أنه يشمل كل مسلم يفرط في دينه في لحظة من اللحظات؛ فيقع في الكفر، لا سيما في آخر الزمان مع كثرة الفتن.
والآن مع فتن الغوغائية والدهماء وفتنة حمار الدجال (الإنترنت) وفتن الفضائيات تسمع من المسلمين كفريات، ويقعون في الكفر، ويقولونه بسبب هذه الدخائل الخبيثة، وهذا لعله مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان: (يصبح المرء مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً)، بمعنى: أنه يقع في الفتن التي يقع بها في الكفر.
وقد يكون كفراً غير مخرج من الملة، لكن الشاهد أن التعرض للفتن قد يوقع المسلم في كفر وردة فيسبق عليه الكتاب، بمعنى: أنه يقدر له أن يموت قبل أن يتوب؛ فيكون نسأل الله العافية ختم له بخاتمة السوء.