الأمر الثاني من مظاهر الاتجاه العقلاني: الاعتراض على أحكام الله، هناك اعتراض صارخ وصريح، ويأخذ عدة وجوه ومسالك، بعضها اعتراض عملي، بمعنى أنه اعتراض بدأ في البنية التي بنيت عليها بعض المؤسسات، والأمور التي هي ظاهرة للأمة.
الاعتراض على أحكام الله فيما يتعلق بالمرأة خاصة؛ لأن إفساد المرأة كما تعرفون هو الوسيلة لإفساد المجتمع، وأكبر مدخل على الدين لهدمه هو إفساد المرأة؛ لأنها إذا فسدت فسد البيت، وإذا فسد البيت فسد المجتمع، وإذا فسد المجتمع فسدت الأمة هذه نتيجة حتمية تلقائية، فلذلك بدءوا يتكلمون عن مسألة القيادة، ومسألة العمل وترك المنزل، ومسألة الاختلاط وأنه ضرورة إلى آخره، ومسألة التبرج والسفور، وما يتعلق أيضاً بقضايا أخرى غير مسألة المرأة، كالربا فقد أصبح الآن محل نظر عند بعض الناس، حتى إن بعض العلماء يكاد لا يجرؤ أن يقول: الربا حرام علناً.
هذه مسألة خطيرة، مع أن المعروف أن الذي يُعمل به في المحاكم لا يزال يقوم على شرع الله، لكن كثرة الربا وانتشاره وإقراره بين الناس جعل القول بأن الربا حرام شذوذاً.
هذه مسألة خطيرة يجب أن تتنبهوا لها، أيهدم دينكم بين ظهرانيكم وبين أيديكم؟ أتهدم القيم وتهدم الفضيلة ويهدم الدين وما أنعم الله به علينا من نعمة؟ أيضاً انتشار شرب المسكرات، الآن صار التركيز على محاربة المخدرات لأنها أضرت بالدنيا أكثر من الدين، بينما المسكرات الغالب أنها تضر أصحابها، الآن المسكرات كثرت وإقامة الحدود للسكر تكاد لا تطبق إلا قليلاً، أغلب الناس يسكر ويُترك، وهذه انتشرت بشكل ذريع الآن، وأصبحت تكاد تكون ظاهرة مستمرأة عند الناس.
هذا أمر خطير.
والعقلانيون الآن يشيعون بأن هذه مسألة تتعلق بحرية الأفراد وأمزجتهم، والذي يشرب الخمر هو مريض والمريض يُعطف عليه، هكذا تشيع عند بعض الناس هذه الشائعة وهذه الظاهرة ما كانت سمتاً عند المجتمع بحمد الله، لكن بدأت تشيع وتظهر بين الناس، بسبب التساهل بهذه الأمور.
أيضاً كثرة الغناء، حتى أصبح الغناء لا يُستنكر لا في الشوارع ولا في البيوت، وأجهزة الإعلام تتولى كبرها في هذا، فهي التي عودت الناس والأجيال على أن الغناء أمر عادي، والموسيقى كذلك، ورفع الصور.
هذه كلها من أساليب العقلانيين؛ لترويض الناس على التهاون بالدين، والاستهانة به، وإدخال ما هو أعظم دفعة دفعة أو جرعة جرعة، وهذا أمر لا يخفى عليكم جميعاً.
وأظن أن الوقت لا يتسع لبقية الكلام، لكن ننهي الموضوع ونختم بالأسئلة.
وأسأل الله أن يقينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظنا بالإسلام، وأن يجعلنا من الهداة المتقين الصالحين، كما نسأله تعالى أن يحيينا مسلمين، وأن يتوفانا مسلمين، وأن يلحقنا بالصالحين، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته كما وعد؛ لأن الله سبحانه وتعالى وعد بنصر الدين إلى أن تقوم الساعة، فنسأله تعالى أن يحقق وعده لنا وفينا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.