وهذا عمرو بن الجموح من أسلافنا المؤمنين الذين صدقوا الله فصدقهم الله، وهذا تشريف وتعظيم وتكريم ليس لأي أحد، فإن الله لا يختم بالصالحات إلا للأكارم الأماجد الذين كشف عن قلوبهم فعلم أنهم من الصادقين، فإن عمرو بن الجموح كان أعرج رضي الله عنه وأرضاه، وقد نزل عذره في كتاب الله سبحانه: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور:61]، ومع ذلك ذهب يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد أنزل الله عذرك! قال: والله يا رسول الله! والذي نفسي بيده لأطأن بعرجتي هذه في الجنة)، فلما دعا الله أن يرزقه الشهادة بصدق رزقه الله الشهادة.
قال: (والذي نفسي بيده يا رسول الله! لأطأن بعرجتي هذه في الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبنائه: دعوه لعل الله يرزقه ما يشتهي)، فنزل المعركة فقتل في سبيل الله، ونسأل الله جل وعلا أن يجعله يطأ بعرجته هذه الجنة سليمة نقية.
ومن هؤلاء الرجال الصادقين مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم رجل ينظر إلى السماء فيرفع يديه يرجو الإجابة من ربه سبحانه وتعالى، وقد امتلأ قلبه صدقاً فيقول: يا رب! ارزقني كافراً جلداً صنديداً غداً يقتلني فيبقر بطني، ويجدع أنفي، ثم أقوم أمامك فتسألني فيم هذا؟ فأقول: فيك رب، فلما جاء الغد لقيه ذلك الكافر الصنديد فقتله وبقر بطنه، وجدع أنفه.
ونحن ننتظر بإذن الله على عرصات يوم القيامة وهو يقف أمام ربه بالكرامة العظيمة ويقول: فيك يا رب! فيك يا رب!