المسألة الثانية: هل يستحب في الصيام السواك أم يكره؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: قول جماهير أهل العلم من المالكية والأحناف ورواية عن الحنابلة باستحباب السواك طوال اليوم، واستدلوا على ذلك بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، واستدلوا أيضاً بحديث عامر بن ربيعة قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسوك وهو صائم).
القول الثاني: قول الشافعية؛ فقالوا بكراهة السواك بعد الزوال للصائم، وهذه رواية عن أحمد ورجحها ابن قدامة، واستدلوا على ذلك بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك).
ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه قال: (خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)، فإنه سيضيع هذه الرائحة بالسواك، فيكره لهم أن يفعل ذلك؛ لأن هذه الرائحة أطيب عند الله من ريح المسك.
والراجح الصحيح هو قول جماهير أهل العلم، وهو استحباب استعمال السواك للصائم ولغير الصائم، للدليل الصريح الأول: (لولا أن أشق على أمتي) وهو عام، أما حديث عامر بن ربيعة فهو حديث ضعيف لا حجة فيه، لكن نستأنس به، والعمدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على استعمال السواك سواء في الصوم أو في غير الصوم.
أما الحجة التي تعلق بها الشافعية فليس فيها قوة، إذ إن المسألة عند الله جل وعلا غير المسألة عند البشر، فاستعمال السواك لا يغير الرائحة؛ لأن هذه الرائحة ليست رائحة الفم، وإنما هي رائحة خرجت من أبخرة المعدة، فعند خلو المعدة تخرج لها أبخرة تحمل هذه الرائحة.