إن أبا موسى الأشعري عندما كان في الكوفة وكان أميراً عليها كان معه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (من أراد أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)، فجاء أناس وسألوا أبا موسى الأشعري فقالوا: مات رجل عن بنت وبنت ابن وأخت، فقال أبو موسى الأشعري: للبنت النصف وللأخت الباقي ولا شيء لبنت الابن، فذهبوا إلى ابن مسعود فسألوه عن المسألة، وأخبروه بما قال فيها أبو موسى، فقال -كلمة أشد ما تكون-: قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، لو قلت بخلاف السنة.
للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وللأخت الباقي.
فقيل لـ أبي موسى ما قاله ابن مسعود، فقال: كيف تسألونني وفيكم هذا الحبر؟ فـ أبو موسى يبين في ذلك مكانة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه.
أيضاً أبو موسى خرج على قومه فوجدهم يتحلقون حلقاً ويذكرون الله، ويسبحون بالحصى، فيكبرون مائة ويهللون مائة, فأنكر أبو موسى الأشعري عليهم في نفسه، وذهب إلى ابن مسعود فقال: رأيت اليوم أمراً جللاً؟ أو أمراً عظيماً أنكره قلبي, وذكر له ما يفعلون، فذهب ابن مسعود إليهم متصنعاً بثيابه، وجلس في حلقة الذكر، ثم قام من بينهم فقال: أنا ابن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم قال لهم: عدوا سيئاتكم وأنا أضمن لكم حسناتكم؛ إنكم على ملة أهدى من ملة رسول الله، أو إنكم مفتتحوا باب ضلالة.
فنهى الناس أن يجتمعوا للذكر بمثل هذه الحلق، فإنها بدعة مميتة، وبين مكانته وأنه صاحب من أصحاب رسول الله فأنزلوه الناس منزلته, وسمعوا له وأطاعوا.
نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا ممن ينزل الناس منازلهم ويطبق هذا الهدي النبوي, فالعلماء أيضاً علموا هذا الهدي النبوي، وطبقوه تطبيقاً عظيماً جليلاً ولذلك رفعهم الله.