والمرأة الحامل والمرضع هل يلحقان بالشيخ الكبير أم يلحقان بالمريض الذي يرجى برؤه؟ فيه خلاف بين أهل العلم، والأصل في هذا يدور على قول ابن عباس وابن عمر: الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفاً على أنفسهما أو خوفاً على ولديهما فعليهما أن يطعما عن كل يوم مسكيناً, وتعلق بهذا المالكية وقالوا: المرأة الحامل أو المرضع تفطر وتطعم عن كل يوم مسكيناً, ولا قضاء عليها, وقال جمهور أهل العلم: حكمهما فيه تفصيل: فإن أفطرتا من أجل أنفسهما فإنهما يقضيان فقط, وإن أفطرتا من أجل الرضيع أو الجنين فعليهما القضاء مع الفدية.
وبيان ذلك: أنها لو أفطرت من أجل غيرها لم يتعلق الأمر بها، فعليها الفدية قياساً على من أفطر لينقذ الغريق, فهو سيفطر من أجل غيره, فالعلماء قالوا: يرخص له بالفطر, بل يجب عليه؛ لأنه سينقذ نفساً، حتى وإن كان الغريق من العجماوات المحترمة، فله أن يفطر وينزل في الماء لينقذها.
وهذا الرجل يكون عليه القضاء فقط, فإن أفطر لغيره فعليه القضاء مع الفدية, فالمرأة إذا أفطرت من أجل الولد أو من أجل الجنين لا خوفاً على نفسها فالعلة خارجة عنها، وعليها الصوم قضاء، وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً, ولكن لو خافت على نفسها فعليها القضاء فقط, وهذه المسألة محل نظر، وليس فيها دليل قاطع، فإما أن تأخذ بقول الجمهور، وهو أنها تفطر وتفدي، أو أنها تطعم فقط ولا تقضي, وهذا قد رجحه فضلاء من العلماء والله أعلم.