يقع الممثلون والناظرون إليهم في كبيرة النظر إلى العورات التي يحرم كشفها؛ والتي هي بإجمع الفقهاء محرم كشفها، فكيف بما عدا ذلك؟! قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأه فقال: اصرف بصرك) ونظر الفجأة معناه أن الإنسان لا يقصد أن ينظر، لكن يفاجأ بامرأة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اصرف بصرك)، وأنت تفتح التلفزيون، وتمشي وتقطع المسافات لتجلس إلى هؤلاء الفسقة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لك: (اصرف بصرك)، وأنت تتعمد أن تستخدم هذه النعمة في معصية الله سبحانه وتعالى، وهو قادر على أن يحرمك إياها، فربنا قادر على أن يخطف هذا البصر الذي تستعمله في محاربته ومبارزته بالمعاصي مع هؤلاء الفساق.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ علي: (لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى وليست لك الثانية) فإذا كان هذا في نظر الفجأة والنظر الذي لم يقصد فكيف بالنظر الدائم مدة التمثيل الذي يقصد به التلذذ ويدفع المال من أجله؟! قال الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:30] والمعنى: قل للمؤمنين غضوا من أبصاركم، فحال المؤمنين الالتزام بأمر الله وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا هو المقصود بكلمة (يغضوا) التي هي جواب الطلب، لكن حذفت كلمة (غضوا) التي هي فعل الأمر؛ لأن المؤمنين حالهم الاستجابة، أي: قل للمؤمنين: غضوا من أبصاركم يغضوا من أبصارهم.
وقال صلى الله عليه وسلم: (العينان تزنيان وزناهما النظر) فهذا المشارك والجالس أمام هذه التماثيل التي يعكفون أمامها واقع في هذا النوع القبيح من الزنا، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبست نساؤهم الزينة وتبخترن بها في المساجد لفتنة الرجال.
وهذا التبرج هو من عادات الجاهلية، يقول الله عز وجل: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33] فالتبرج لعن بسببه بنو إسرائيل، فكيف بالتبرج والعري الذي ظهر في نساء هذه الأمة، والتبختر في دور الرقص والتمثيل واللهو؟! وقال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية).
ومن منكرات التمثيل أكل أموال الناس بالباطل، وهو حرام، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء:29 - 30]، ولا باطل على وجه الأرض أبطل من التمثيل وإنفاق المال في هذا الفساد.