وهو تناقض غريب جداً، فإننا بقدر ما نتهاون بقدر ما يحرص الكفار على حماية أبنائهم من هذا الجهاز الخبيث، مع أنهم كفار لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، تجد -مثلاً- المدرسة الألمانية في الإسكندرية تأتي بالآباء وتعمل لهم فرزاً شديداً جداً للآباء والأمهات والأطفال، وتقيم لهم مختبرات الذكاء، ثم يوقع الأبوان إقراراً أن أولادهما إذا عادوا من المدرسة لا يشاهدون التلفزيون، هؤلاء لا يتدينون بذلك، لكن يقولون: إن التربية التلفزيونية تسير في خط موازٍ ومضاد للتربية التي تنتهجها هذه المدرسة، هذه تلغي مفعول تلك، ولذلك يوقع الأب والأم على إقرار أنه إذا طلب الطفل النظر إلى التلفزيون ونظر فالمدرسة غير مسئولة عن أي آثار تربوية تظهر في سلوكه، وتقول المدرسة: هذا أتى منكم أنتم وليس من طرفنا نحن.
في حين تجد في مدرسة أخرى، وفي مكان اجتماع مجلس الآباء والمعلمين أتت امرأة متبرجة منسوبة ومحسوبة على الإسلام، أتت تصرخ وتشتكي وتضج وتصيح في اجتماع مجلس الآباء، وتقول: لابد من أن تبحثوا لي عن السبب، من الذي فعل بابني هكذا؟ لابد من أن عندكم هنا في المدرسة أناساً متطرفين.
تقول لهم: إن ابني حينما يجلس عند التلفزيون إذا رأى راقصة أو شيئاً من هذه المناظر فإنه يضع بصره في الأرض ويرفض أن ينظر، فقولوا لي: من المسئول؟ أنتم متطرفون، أنتم تعلمون ابني التطرف، ابحثوا لي عن المسئول عن ذلك؟ أجاب مدير المدرسة: أبداً.
نحن أبرياء من هذا التطرف، نحن لا نعلمه ذلك، نحن نلتزم كاملاً بمنهج الوزارة.
أيضاً التلفزيون يعد أستاذاً من أساتذة الجريمة، ففي إحدى البرامج التلفزيونية أجريت مقابلة مع فتاة في الخامسة عشر من عمرها، رأت شخصاً في فلم يريد أن يقتل آخر فقطع مكابح السيارة، وكادت البنت أن تقتل أباها وأمها، فذهبت أيضاً لتقص فرامل السيارة لتقتلهما، لكن الأبوان اكتشفا الأمر بقدر من الله؛ لأن الفتاة أخطأت فقطعت بدل الفرامل سلكاً آخر أضاء إشارة إنذار حمراء، ولم يعرفا الفاعل.
فجربت الفتاة خطة أخرى، إذ ألقت صفيحة من البنزين على السيارة في داخل الجراش فانفجرت، فتنبه الأبوان في آخر لحظة فأسرعا يفتشان الجراش والبيت خوفاً على ابنتهما حتى لا تحترق، وكادا يختنقان لكثافة الدخان واكتشفا أن الفاعل هو ابنتهما، وعندما سئلت الفتاة عن السبب قالت: أبواي يضغطان علي كثيراً للمذاكرة، وأخي أخفق، وهما يريدان مني تعويض إخفاقه، فنظرت إلى التلفزيون فتعلمت هذه الجريمة.
هذه الفكرة علمها إياها التلفزيون.