دور التلفاز في قلب المنكر معروفاً والمعروف منكراً

من أسوأ آثار التلفاز -إن لم تكن أسوأها على الإطلاق- تعويد الناس على التغاضي عن كثير من الفضائل الاجتماعية، فهو يهدم ويحطم الأخلاق والأديان، ويبطش بالحياء والقيم، وينشر الرذيلة، ويقتل الأحاسيس، بحيث ينتهي الأمر إلى استمراء المنكر، بل استحسان المنكر والفرح الشديد بارتكابه.

ومن الأدلة الواقعية على ذلك أن الناس أصبحوا يقبلون أن رجلاً بحجة أنه أب لفتاة شابة يحتضنها، وهم يعلمون أنه أجنبي عنها وأن هذا تمثيل وكذب، ولكنهم صدقوا الكذب ولم يعودوا يستنكرونه، فهذا عندهم ليس منكراً هذا أبوها! فيأخذونه بعفوية وكأنه أمر طبيعي وعادي.

ولم يعد يستنكر ما يقع بين رجال ونساء أجانب عنهم مما حرمه الله تبارك وتعالى، بل من يمكن نفسه من هذا الإجرام وهذا الانحلال ويعيش الدور بصدق -كما يقولون- يقال عنه: الممثل المحترم، والممثلة القديرة -أي: على الفساد والانحلال- أما من يظهر عدم الانسجام فهذا ضيق الأفق، هذا إنسان متزمت متطرف، وتنطلق عبارات: إنهم يريدون أن يعيدونا إلى القرون الوسطى المظلمة والعصور الحجرية.

أيضاً صاروا لا ينكرون على المرأة المتزينة المتبرجة التي تظهر بأبهى زينتها حاسرة الرأس، كاشفة الشعر والرقبة والذراعين والساقين، ومع ذلك ربما يصفون هذه الممثلة أو هذه المذيعة بأنها محتشمة، فهي تكشف فقط شعرها ووجها ويديها وما إلى ذلك.

تعودت القلوب على مناظر احتساء الخمور، كأنك داخل الخمارة والحانة وأماكن الفساد والإجرام، تعودت العيون أن ترى هذه المناظر وهي قيم كفرية فاسقة خبيثة تتعود عليها هذه القلوب، احتساء الخمور، التدخين، إتيان الفواحش، السرقات، القتل، السباب بأقذع الألفاظ السوقية، توجيه اهتمام الناس إلى تعظيم كرة القدم، وأن الأبطال هم أبطال كرة القدم، وإذا كانت هناك مباراة دولية لكرة القدم أو شيء من هذا ترى -كما قال بعض الإخوة- البلد خاوية تماماً، كأنه يوجد حظر تجوال، لا سيارات ولا مشاة، والمحلات مغلقة.

حتى قال بعض الإخوة: لو أن عدواً من الأعداء أراد أن يحتل مصر بدون أن تطلق رصاصة واحدة تقاومه لاختار هذا الوقت؛ لأن الناس قابعون في بيوتهم أمام هذا الصنم، وانظر إلى الناس في ساعة صلاة الجمعة تجد وسائل المواصلات تعمل، والشوارع مزدحمة بالسيارات، والناس يمشون في الشوارع، وكأنك لست في بلد من بلاد المسلمين بشغل هذا الجهاز الخبيث.

أيضاً إبراز برامج الرقص والخلاعة وأمثال هذه الأشياء، حتى عندما تسأل الطفلة الصغيرة: ما أملك في الحياة؟ تقول: أريد أن أكون راقصة مثل فلانة، أو مغنية مثل فلانة.

فلا حول ولا قوة إلا بالله! هل هؤلاء هم أبناء المسلمين؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015