نضيف بعض التنبيهات والفوائد المتعلقة بقواعد الاعتقاد في أسماء الله عز وجل الحسنى: أما التنبيه الأول فهو: أن ما يوصف به الرب سبحانه وتعالى أو يخبر عنه أقسام: أولاً: ما يرجع إلى نفس الذات، كقولك: ذات، وموجود، وشيء.
ثانياً: ما يرجع إلى صفات معنوية، كالعليم والقدير والسميع والبصير، وهذه تسمى صفات ذاتية.
ثالثاً: ما يرجع إلى أفعال الله سبحانه وتعالى، كالخالق والرازق، وهذه تسمى صفات فعلية، ومنها ما يرجع إلى التنزيه المحض، فما يوصف به الله سبحانه وتعالى منه ما يرجع إلى التنزيه المحض، ولابد من تضمنه ثبوتاً؛ إذ لا كمال في العدم المحض.
والتنزيه هو: نفي ما لا يليق بالله عز وجل من الصفات أو الأسماء، والنفي المحض لا يعتبر كمالاً إلا إذا تضمن ثبوتاً، فمثلاً: إذا أتيت إلى الملك وأردت أن تمدحه -ولله المثل الأعلى- فطفقت تقول له: أنت لست جاهلاً، ولست جباناً، ولست بخيلاً، ولست فاسقاً، ولست زبالاً، ولست خادماً، ولست إلى آخر هذه الصفات كلها، فهل هذا يتضمن مدحاً؟
صلى الله عليه وسلم لا؛ لأن النفي المحض هو صفة العدم؛ فالعدم هو الذي يوصف بأنه لا كذا ولا كذا ولا كذا.
أما النفي في صفات الله سبحانه وتعالى فإنه لا يحصل تنزيه الله عما لا يليق عن طريق هذه الصفات إلا إذا تضمنت إثبات الكمال، فلا كمال في العدم المحض.
ومن أسماء الله سبحانه وتعالى التي تضمنت هذا التنزيه: القدوس والسلام، فهذه الأسماء من الأسماء التي تضمنت تنزيهاً يتضمن أمراً ثبوتياً، وليس نفياً محضاً.
ومن أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته ما يدل على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفات معينة، فالعزيز دل على معاني العزة، يعني: أن الاسم نفسه يدل على معانٍ كثيرة جداً، نحو: اسم المجيد، والعظيم، والصمد؛ فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، ولفظه يدل على هذا؛ لأن المجيد لغة هو: موضوع للسعة والكثرة والزيادة وتعدد الأوصاف وشمولها وكمالها، ولذلك قال تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج:15]، لسعة العرش وعظمته، والعظيم أيضاً من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال، وكذلك الصمد.
أيضاً مما يوصف به الله سبحانه وتعالى: صفة تحصل من اقتران أحد الوصفين مع الآخر، هذه صفة تحصل من اقترانهما معاً؛ وذلك قدر زائد على مفرديهما، يعني: كل اسم على حدة له معنى، لكن إذا اجتمعا واقترنا فإنه يدل على صفة زائدة تحصل من اقترانهما معاً، كقولك: الغني الحميد، العفو القدير، الحميد المجيد ونحو ذلك، فإن الغنى من صفات الكمال والحمد كذلك، أما اجتماع الغنى مع الحمد فله ثناء من غناه، وثناء من حمده، وثناء من اجتماعهما، وكذلك نظائرهما، فالغني وحده له معنى، والحميد وحده له معنى أيضاً، لكن اجتماع الغني والحميد يأتي بمعنى زائد على أحد الاثنين حينما يأتي منفرداً.