نعى الله عز وجل وشدد النكير على من يقتلون أولادهم خشية الإملاق، يقول عز وجل: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ} [الأنعام:137] أي: من التردّي والهلاك، {وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام:137] وقال تبارك وتعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [الأنعام:140]، قال بعض العلماء في تفسير قوله عز وجل: {وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} [الأنعام:140]: إن الرزق يشمل الطعام والشراب، كما يشمل الذرية، فيقول في هذه الآية: الذين حرّموا على أنفسهم نعمة التناسل وإنجاب الذرية، ويقول عز وجل: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8 - 9]، وقال عز وجل: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء:31] وقال أيضاً: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام:151].
قد يقول بعض الناس: إن تحديد النسل ليس قتلاً للنسل.
فنقول: لكنه يتفق مع القتل في الباعث عليه، والذي أنكره الله على هؤلاء المشركين في الجاهلية هو أنهم كانوا يقتلون أولادهم خشية الإملاق، وهذا واضح، فاتّحد الباعث عند هؤلاء وعند أولئك، قال عليه الصلاة والسلام حينما ذكر بعض الكبائر: (وأن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك) فالعلة هنا: خشية أن يجلس معه ابنه على المائدة ويشاركه في الطعام!