وقبل أن نستمر في الموضوع نسأل: من هو المنظم الحقيقي للنسل البشري؟!
صلى الله عليه وسلم أمر النسل البشري متعلق بفعل من أفعال الربوبية، فالله تبارك وتعالى هو المنظم الحقيقي لأمور هذا الكون، وهو المدبر ولا مدبر غيره تبارك وتعالى، فكما أنه هو الذي خلق فهو الذي يرزق، سواء الأكل والطعام والشراب، أو رزق الذرية وما إلى ذلك.
والله سبحانه وتعالى أوحى إلى عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49]، وأوحى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} [الحجر:19] وقوله تبارك وتعالى في سورة الشورى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى:5049 - ].
ولو فرضنا أن هذا الأمر وُكِل إلى الناس لصار الفساد العريض في هذه الأرض.
إذاً: فالأمر لا يأتي بطريقة عشوائية، بل وراءه إرادة مدبرة، وقوة قاهرة، هي قوة الله تبارك وتعالى، فمن ذا الذي يستطيع أن ينظم هذا النسل في كل بقاع الأرض بتلك الطريقة المحكمة التي يقضي بها الله تبارك وتعالى؟! وقد زين لبعض الناس سوء عمله، فاقترح في يوم من الأيام أنه يجب معاقبة من يزيد على ثلاثة أولاد بحرمان الرابع ومن بعده من الرعاية الصحية والاجتماعية! وحرمانه من التعليم! إلى غير ذلك من هذا التهويل.
فنقول لهم: هوّنوا على أنفسكم، فلستم أنتم الذين تقومون بأمر هذا العالم، فإن الذي خلق هو الذي رزق، وكما نؤمن أنه لا خالق إلا الله، فنؤمن أيضاً أنه لا رازق إلا الله تبارك وتعالى.