أما الحنابلة فيقول ابن القيم في الطرق الحكمية: المنكرات من الأغاني والصور يجوز إتلاف محلها تبعاً لها، مثل الأصنام المعبودة من دون الله لما كانت صورها منكرة جاز إتلاف مادتها، فإذا كانت حجراً أو خشباً أو نحو ذلك جاز تكسيرها وتحريقها.
وذكر حديث أبي الهياج الأسدي، ثم قال: وهذا يدل على طمس الصور في أي شيء كانت، وهدم القبور المشرفة وإن كانت من حجارة أو آجر أو لبن، قال المروذي: قلت لـ أحمد: الرجل يكتري البيت فيرى فيه تصاوير، ترى أن يحكها؟ قال: نعم.
وحجته هذا الحديث الصحيح.
وذكر حديث الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت، وحديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)، كذلك حديث نقض التصاليب، وحديث نزول المسيح عليه السلام.
ثم يقول: فهؤلاء رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين -إبراهيم، وموسى، وعيسى، وخاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم- كلهم على محق المحرم وإتلافه بالكلية، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم، فلا التفات إلى من خالف ذلك.
وقال في روضة المحبين: وإنما بعث الله رسله بكسر الأصنام وعبادته وحده لا شريك له.
وقال الإمام ابن القيم -أيضاً- في زاد المعاد: لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوماً واحداً؛ فإنها شعار الكفر والشرك، وهي أعظم المنكرات فلا يجوز الإقرار عليها ألبتة، وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثاناً وطواغيت تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل، لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته، وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى، بل أعظم شركاً عندهم، والله المستعان.