القسم الثاني: سنة تفصل مجمل القرآن، وسنة تخصص عموم القرآن، وسنة تقيد مطلق القرآن، وسنة توضح مشكل القرآن.
السنة المفصلة لمجمل القرآن مثل قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة:43]، بينه في قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
وقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران:97] مجمل فصله قوله صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم).
السنة المخصصة لعموم القرآن، مثل قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة:6] إلى آخر الآية فظاهرها أنه كلما قمتم إلى الصلاة فلابد أن تفعلوا هذا، لكن جاء في السنة ما يخصص هذا العموم كالمسح للمريض، والتيمم، ومواقيت المسح للمسافر والمقيم، هذه كلها أتت بها السنة.
كذلك قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:39] هذا النفي عام، فخصص عموم هذا النفي بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث)، والحديث معروف، فدل على أن الإنسان المؤمن لا ينقطع عمله.
كذلك قول الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:11] هذا عام خصه قوله عليه الصلاة والسلام: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث)، وخصه قوله: (لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم)، وخصه قوله: (لا ميراث لقاتل).
كذلك مطلق القرآن تقيده السنة كما في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29]، فإنه مطلق، فقيده قوله صلى الله عليه وسلم: (الطواف بالبيت صلاة) فالطواف يشترط فيه الطهارة.
وقوله تبارك وتعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:11]، هذا مطلق، قيده قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث).
إجمال القرآن مثل الظلم في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:82] بينت السنة أن الظلم يقصد به الشرك للآية: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:13].
كذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:60] لما سألته عائشة: (أهم الذين يشربون الخمر ويزنون؟ قال: لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصومون، ويصلون، ويتصدقون، وهم يخافون ألا يتقبل منهم).